البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٣ - الصفحة ٥٥٠
فصل في الامر باليد أخره عن الاختيار لتأيد التخيير بإجماع الصحابة رضي الله عنهم بخلاف الامر باليد فإنه وإن لم يعلم فيه خلاف ليس فيه إجماع. وقدم كثير الامر باليد نظرا إلى أن الايقاع بلفظ الاختيار ثابت استحسانا في جواب اختاري لا قياسا بخلافه جوابا للامر باليد فإنه قياس واستحسان. وأما الايقاع بلفظ أمري بيدي فلا يصح قياسا ولا استحسانا، والحق ما في فتح القدير من استواء البابين في القياس والاستحسان فإن جواب الامر باليد بقولها اخترت نفسي على خلاف القياس أيضا، والتفويض بكل منهما على وفق القياس. والامر هنا بمعنى الحال واليد بمعنى التصرف كما في المصباح.
قوله: (أمرك بيدك ينوى ثلاثا فقالت اخترت نفسي بواحدة وقعن) أي وقع الثلاث لأن الاختيار يصلح جوابا للامر باليد على الأصح المختار لأنه أبلغ في التفويض إليها من الامر باليد، وقيل لا. ذكره في المحيط والولوالجية. وفيها: أعرتك طلاقك كأمرك بيدك والواحدة في كلامهما صفة الاختيارة فصار كأنها قالت اخترت نفسي باختياره واحدة وأراد بنية الثلاث نية تفويضها وأشار بذكر الفاء في قوله فقالت إلى اشتراط المجلس وبخطابها إلى أن علمها شرط حتى لو جعل أمرها بيدها ولم تعلم فطلقت نفسها لم تطلق كما في الولوالجية والخانية.
وبذكر النفس في جوابها إلى اشتراطه أو ما يقوم مقامه كالتفويض بلفظ التخيير، واستفيد منه أن الامر باليد كالتخيير في جميع مسائله سوى نية الثلاث فإنها تصح هنا لا في التخيير لأنه جنس يحتمل العموم والخصوص فأيهما نوى صحت نيته. كذا ذكره الشارحون وصاحب المحيط. وفي البدائع: الامر باليد كالتخيير إلا في شيئين: أحدهما نيته الثلاث، والثاني أن في
(٥٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 545 546 547 548 549 550 551 552 553 554 555 ... » »»
الفهرست