البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٣ - الصفحة ١٠٠
وإنما تحقق الاحصار في العمرة وإن كانت لا تفوت للزوم الضرر بامتداد الاحرام فوق ما التزمه، وأما المحصر في الحج بعد الوقوف فيمكنه التحلل بالحلق يوم النحر في غير النساء فلا ضرورة إلى التحلل بالدم. ثم إن دام الاحصار حتى مضت أيام التشريق فعليه لترك الوقوف بالمزدلفة دم، ولترك الجمار دم، ولتأخير الحلق دم، ولتأخير الطواف دم في قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: ليس عليه لتأخير الحلق والطواف شئ. كذا في الكافي للحاكم الشهيد، وقد قدمنا عن البدائع وغيره أن واجب الحج إذا تركه بعذر لا شئ عليه حتى لو ترك الوقوف بالمزدلفة خوف الزحام لا شئ عليه كما لا شئ على الحائض بترك طواف الصدر فلا شك أن الاحصار عذر فلا شئ عليه بترك الواجبات للعذر مع أنه منقول في الحاكم كما رأيت وهو جمع كلام محمد في كتبه الستة التي هي ظاهر الرواية. وقد ظهر لي أن كلامهم هنا محمول على الاحصار بسبب العدو لا مطلقا فإنه إذا كان بالمرض فهو سماوي يكون عذرا في ترك الواجبات، وإن كان من قبل العباد فإنه لا يكون عذرا في إسقاط حق الله تعالى كما قالوه في باب التيمم أن العدو إذا أسروا حتى صلى بالتيمم فإنه يعيدها بالوضوء إذا أطلق لأنه من قبل العباد. ثم اختلفوا في تحلل المحصر بعد الوقوف، قيل لا يتحلل في مكانه ويدل عليه عبارة الأصل حيث قال: وهو حرام كما هو حتى يطوف الزيارة. وهو يدل على تأخير الحلق على أن يفعله في الحرم. وقيل يتحلل في مكانه ويدل عليه عبارة الجامع الصغير حيث قال: وهو محرم على النساء حتى يطوف طواف الزيارة. قال العتابي: وهو الأظهر. كذا في غاية البيان قوله: (ومن منع بمكة عن الركنين فهو محصر وإلا لا) أي وإن قدر على أحدهما فليس بمحصر لأنه إذا منع عنهما في الحرم فقد تعذر عليه الاتمام فصار كما إذا أحصر في الحل، وإذا قدر على الطواف فلان فائت الحج يتحلل به والدم بدل عنه في التحلل، وأما إن قدر على الوقوف فلما بينا. وقد قيل في المسألة خلاف بين أبي حنيفة وأبي
(١٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 ... » »»
الفهرست