البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٣ - الصفحة ٩٨
حتى يذبح في الحرم وعليه الدم لتناول محظورات إحرامه. كذا ذكره الأسبيجابي. أطلقه فشمل إحرام الحج وإحرام العمرة لكن لا خلاف أن المحصر بالعمرة لا يتوقت ذبحه باليوم، وفي المحيط جعل المواعدة المتقدمة إنما يحتاج إليها على قول أبي حنيفة لأن دم الاحصار عنده لا يتوقت باليوم فلا يصير وقت الاحلال معلوما للمحصر من غير مواعدة ولا يحتاج إليها عندهما لأن دم الاحصار موقت عندهما بيوم النحر فكان وقت الاحلال معلوما اه‍. وفيه نظر، لأنه موقت عندهما بأيام النحر لا باليوم الأول فيحتاج إلى المواعدة لتعيين اليوم الأول أو الثاني أو الثالث، وقد يقال يمكنه الصبر إلى مضي الأيام الثلاثة فلا يحتاج إليها قوله: (وعلى المحصر بالحج إن تحلل حجة وعمرة وعلى المعتمر عمرة وعلى القارن حجة وعمرتان) بيان لحكم المحصر المآلي فإن له حكمين حاليا ومآليا، فما تقدم من بعث الشاة حكم الحالي والقضاء إذا تحلل وزال الاحصار حكمه المآلي، فإن كان مفردا بالحج فإن حج من سنته فإن لا يلزمه شئ وإلا لزمه قضاؤها وعمرة أخرى لأنه فائت الحج. أطلقه فشمل ما إذا كان الحج فرضا أو نفلا شرع فيه، وشمل ما إذا قرن في القضاء أو أفردهما فإنه مخير لأنه التزم الأصل لا الوصف. وأما نية القضاء فإن كان بحج نفل وتحولت السنة فهي شرط، وإن كان بحجة الاسلام فلا ينوي القضاء بل حجة الاسلام.
وإنما لزم القارن عمرة ثانية لأنه فائت الحج فلذا لو حج من سنته وأتى بهما فإنه لا يلزمه عمرة أخرى. وأطلقه أيضا فأفاد أن له في القضاء القران وإفراد كل واحد من الثلاثة لما قدمناه. هكذا صرحوا به هنا، وممن صرح به صاحب المبسوط والمحيط والولوالجي والمحقق ابن الهمام، ويرد عليه ما قالوه في هذا الباب من أنه إذا زال الاحصار إنما لم يجب عليه أن يأتي بالعمرة التي وجبت عليه بالشروع في القران لأنه غير قادر على أدائها على الوجه الذي التزمه، وهو أن تكون أفعال الحج مرتبة عليها وبفوات الحج يفوت ذلك فإن هذا يقتضي أن ليس له الافراد وأن القران واجب في القضاء ويناقضه ما قالوه في باب الفوات من أن القارن إذا فاته الحج أدى عمرته من سنته وأدى الحج من سنة أخرى لأنها لا تفوت، ولا شك أن المحصر فائت الحج إذا لم يدركه في سنته، والحق هو الأول لأن بالشروع التزم أصل القربة لا
(٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 ... » »»
الفهرست