فقالا: رفض العمرة أولى لأنها أدنى حالا وأقل أعمالا وأيسر قضاء لكونها غير مؤقتة. وقال الإمام الأعظم: رفض الحج أولى. ولهذا قال في المختصر رفضه أي الحج لأن إحرام العمرة قد تأكد بأداء شئ من أعمالها وإحرام الحج لم يتأكد ورفض غير المتأكد أيسر، ولان في رفض العمرة والحالة هذه إبطال العمل وفي رفض الحج امتناعا عنه. قيد بالمكي لأن الآفاقي إذا أحرم بالحج بعد فعل أقل أشواط العمرة كان قارنا بلا إساءة كما لو لم يطف أصلا وإن كان بعد فعل الأكثر كان متمتعا إن كان في أشهر الحج. وقيد بالشوط وأراد به أقل الأشواط ولو ثلاثة لأنه لو أتى بالأكثر ففي الهداية وشروحها أنه يرفض الحج بلا خلاف لأن للأكثر حكم الكل فيتعذر رفضها. وفي المبسوط: إنه لا يرفض واحدا منهما كما لو فرغ منها وعليه دم لمكان النقص بالجمع بينهما فلذا لا يأكل منه، وجعله الأسبيجابي ظاهر الرواية، ونقل عن أبي يوسف أن رفض الحج أفضل واختاره الفقيه أبو الليث وقاضيخان في فتاواه ثم قال: ويمضي في عمرته ثم يقضي الحجة من عامة ذلك إن بقي وقته اه. ولم يذكر في ظاهر الرواية أنه إذا رفض الحج يلزمه دم وقضاء عمرة مع الحج كما أوجبه أبو حنيفة فيما لو طاف الأقل. كذا ذكره الأسبيجابي. ولو لم يطف للعمرة أصلا فإنه يرفضها اتفاقا ويقضيها وعليه دم لرفضها كما لو قرن المكي فإنه يرفض العمرة ويمضي في الحج. وأطلق في الطواف فشمل ما إذا كان في أشهر الحج أو لا كما في المبسوط، وأشار إلى أنه لو أحرم أولا بالحج وطاف له شوطا ثم أحرم بالعمرة فإنه يرفضها اتفاقا ويقضيها وعليه دم لرفضها كما لو لم يطف، وسيأتي أنه إن مضى عليهما وجب عليه دم. وقد ظهر بما قررناه أولا أن رفض الحج في مسألة الكتاب إنما هو مستحب وليس بواجب حتى إذا رفض العمرة صح، ولهذا قال في الهداية: وعليه دم بالرفض أيهما رفضه لأنه تحلل قبل أوانه لتعذر المضي فيه فكان في معنى المحصر إلا أن في رفض العمرة قضاءها لا غير، وفي رفض الحج قضاؤه وعمرة لأنه في معنى فائت الحج اه. ولم يذكر بماذا يكون رافضا وينبغي أن يكون الرفض بالفعل بأن يحلق مثلا بعد الفراغ من أعمال العمرة، ولا يكتفى بالقول أو بالنية لأنه جعله في الهداية تحللا وهو لا يكون إلا بفعل شئ من محظورات الاحرام. وقال الولوالجي في فتاواه:
وتحليل الرجل لامرأته أن ينهاها ويصنع بها أدنى ما يحرم عليه بالاحرام ولا يكون التحليل بالنهي ولا بقوله قد حللتك لأن التحليل شرع بالفعل دون القول اه. بخلاف ما إذا أحرم بحجتين فإن رفض أحدهما بشروعه في الأعمال على ظاهر الرواية كما سيأتي من غير تحليل لأنه لا يمكن المضي فيهما وهنا يمكن المضي فيهما فإنه إن مضى عليهما أجزأه لأنه أدى أفعالهما كما التزمهما غير أنه منهي عنه والنهي لا يمنع تحقق الفعل على ما عرف من أصلنا، وعليه دم لجمعه بينهما لأنه تمكن النقص في عمله لارتكابه المنهي عنه، وهو في حق المكي دم جبر، وفي حق الآفاقي دم شكر. وأطلق في قوله وعليه حجة وعمرة ودم وهو كذلك