المبسوط على أنه ظاهر الرواية لأنه لا تنافي بين الاحرامين وإنما التنافي بين الأداءين. وثمرة الاختلاف فيما إذا جنى قبل الشروع فعليه دمان للجناية على إحرامين، ولو قتل صيدا لزمه قيمتان ودم عند أبي يوسف لارتفاض إحداهما قبلها، وإذا رفض إحداهما ألزمه دم للرفض ويمضي في الأخرى ويقضي حجة وعمرة لأجل التي رفضها. وإذا أحصر قبل أن يصير إلى مكة بعث بهديين عند الإمام، وبواحد عندهما، أما عند أبي يوسف فلانه صار رافضا لإحداهما، وأما عند محمد فلانه لم يلزمه إلا أحدهما، فإذا لم يحج في تلك السنة لزمه عمرتان وحجتان لأنه فاته حجتان في هذه السنة. وقيد بكون إحرام العمرة الثانية بعد الفراغ من العمرة الأولى إلا التقصير لأنه لو كان بعد التقصير فلا شئ عليه، وإن كانا معا أو على التعاقب فالحكم كما تقدم في الحجتين من لزومهما عندهما خلافا لمحمد، ومن ارتفاع أحدهما بالشروع في عمل الأخرى عند الإمام خلافا لأبي يوسف ووجوب القضاء ودم للرفض وإن كان قبل الفراغ بعد ما طاف للأولى شوطا رفض الثانية وعليه دم الرفض والقضاء، وكذا لو طاف الكل قبل أن يسعى، فإن كان فرغ إلا الحلق لم يرفض شيئا وعليه دم الجمع وهي مسألة المختصر، فإن حلق للأولى لزمه دم آخر للجناية على الثانية، ولو كان جامع في الأول قبل أن يطوف فأفسدها ثم أدخل الثانية يرفضها ويمضي في الأولى حتى يتمها لأن الفاسد معتبر بالصحيح في وجوب الاتمام. وإن نوى رفض الأولى والعمل في الثانية لم يكن عليه إلا الأولى، ومن أحرم لا ينوي شيئا فطاف ثلاثة فأقل ثم أهل بعمرة رفضها لأن الأولى تعينت عمرة حين أخذ في الطواف فحين أهل بعمرة أخرى صار جامعا بين عمرتين فلهذا يرفض الثانية.
قوله: (ومن أحرم يحج ثم بعمرة ثم وقف بعرفات فقد رفض عمرته وإن توجه إليها لا) أي لا يصير رافضا لأنه يصير قارنا بالجمع بين الحج والعمرة لأنه مشروع في حق الآفاقي والكلام فيه لكنه مسئ بتقديم إحرام الحج على إحرام العمرة كما قدمناه في بابه، وقد تعذر عليه أداء العمرة بالوقوف إذ هي مبنية على الحج غير مشروعة، وقد تقدم الفرق بين الوقوف والتوجه. وإنما قلنا إن العمرة تحتمل الرفض لما روي عن عائشة قالت: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أن قال لها النبي صلى الله عليه وسلم: وامشطي رأسك وارفضي عمرتك. والمراد بقوله ثم