البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٣ - الصفحة ١٣٦
كتاب النكاح ذكره بعد العبادات لأنه أقرب إليها حتى كان الاشتغال به أفضل من التخلي لنوافل العبادات. وقدم على الجهاد لاشتماله على المصالح الدينية والدنيوية وأمر المناسبة سهل.
واختلف في معناه لغة على أربعة أقوال: فقيل مشترك بين الوطئ والعقد وهو ظاهر ما في الصحاح فإنه قال: النكاح الوطئ، وقد يكون العقد تقول نكحتها ونكحت هي أي تزوجت وهي ناكح في بني فلان أي ذات زوج، والمراد بالمشترك اللفظي. وقيل حقيقة في العقد مجاز في الوطئ، ونسبه الأصوليون إلى الشافعي في بحث متى أمكن العمل بالحقيقة سقط المجاز.
وقيل بالعكس وعليه مشايخنا صرحوا به كما في فتح القدير، وجزم به في المغرب، وذكر الأصوليون أن ثمرة الاختلاف بيننا وبين الشافعي تظهر في حرمة موطوءة الأب من الزنا أخذا من قوله تعالى * (ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء) * فلما كان حقيقة في العقد عنده لم تحرم موطوءته من الزنا، ولما كان حقيقة في الوطئ عندنا الشامل للوطئ الحلال والحرام حرمت عندنا وحرمت معقودة الأب بغير وطئ بالاجماع. وتفرع على أصلنا ما لو قال لامرأته إن نكحتك فأنت طالق فإنه للوطئ، فلو أبانها ثم تزوجها لم يحنث. ولا يرد علينا ما لو قال لأجنبية ذلك فإنه للعقد لتعذر الوطئ شرعا فكانت حقيقة مهجورة كما في الكشف.
ولذا لو قال ذلك لمن لا تحل له أبدا بأن قال إن نكحتك فعبدي حر انصرف إلى النكاح الفساد كما في المحيط.، وقيل حقيقة في الضم صرح به مشايخنا أيضا لكن قال في فتح القدير: إنه لا منافاة بين كلامهم لأن الوطئ من أفراد الضم والموضوع للأعم حقيقة في كل من أفراده
(١٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 ... » »»
الفهرست