صار مباحا له شرعا لم يتقيد عليه بشرط السلامة وبه فارق الختان والحجام لان ذلك لمنفعة الولد فان الطهرة به تحصل للولد لا للأب فلهذا لا يتقيد بشرط السلامة بل يجعل فعل الآمر به كفعله بنفسه يوضحه ان الأب يغيظه سوء أدب ولده وربما يحمله الغيظ على المبالغة في تأديبه وترك الاحتياط فلهذا يتقيد بشرط السلامة وهذا المعنى لا يوجد في الختان والحجامة ولا في المعلم إذ أدبه باذن الأب ثم دية المقتول تكون ميراثا عنه لجميع ورثته كسائر أمواله عندنا ومن الناس من قال ليس للزوج والزوجة من الدية نصيب لان وجوب الدية بعد الموت والزوجية ترتفع بالموت بخلاف القرابة ولكنا نستدل بحديث الضحاك ان شيبان الكلابي رضي الله عنه قال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ان أورث امرأة اشيم الضبابي من عقل زوجها اشيم ولان الدية مال الميت حتى تقضى بها ديونه وتنفد منها وصاياه فيرثها عنه من يرث سائر أمواله وإنما استحقاق الميراث باعتبار زوجيه قائمة إلي وقت الموت منتهية بالموت لا باعتبار زوجية قائمة في الحال وفى هذا المعنى الدية بمنزلة سائر الأموال إذا عرفنا هذا فنقول ثلاثة اخوة قتل أحدهم أباه عمدا فللباقين أن يقتلاه لان السبب الموجب للقود وهو العمد قد تحقق منه ولا نصيب له في ذلك لان القاتل محروم عن الميراث فان مات أحد الأخوين الباقيين لم يكن للباقي أن يقتله لان نصيب الميت من القصاص صار ميراثا بموته بين اخوته والقاتل يرث أخاه لأنه ليس بقاتل له فلا يحرم الميراث عن وإذا ورث جزأ من القصاص الواجب عليه سقط ذلك وانقلب نصيب الآخر مالا فعليه ثلاثة أرباع الدية في ماله للأخ الباقي في ثلاث سنين (ألا ترى) انه لو عفا أحدهما انقلب نصيب الآخر مالا فكذلك إذا سقط جزء من القصاص عن القاتل باعتبار انه ملكه بالميراث ولو أن أخوين وأختا لأب وأم قتل أحد الأخوين الأم عمدا والزوج وارث معهم وهو أبوهم فللأخ الباقي والأخت والزوج أن يقتلوا القاتل لان القاتل محروم عن ميراث أمه بالقتل وإن لم يقتلوه حتى مات الأخ الباقي فللأخت والزوج أن يقتلا القاتل لان الأخ الباقي مات عن أخت وأخ وأب فيكون نصيبه للأب والأخت ولا شئ للأخ من نصيبه فلا يرث القاتل شيئا من القصاص بموت أخيه فان مات الأب بعد ذلك لم يكن للأخت أن تقتله لان نصيب الأب من القصاص صار ميراثا بين القاتل وأخته فلا يكون محروما عن ميراثه ويكون لها عليه نصف الدية لان الأب كان ورث من امرأته الربع وهو ثلاثة من اثنى عشر وما بقي وهو تسعة بين الأخ والأخت أثلاثا للأخ
(٤٩)