فدل ذلك على نفى الولاية بين الكفار والمسلمين بطريق الأولى وهو الكلام من حيث المعنى فان الإرث نوع ولاية فالسبب الخاص كما لا يوجب الولاية للكافر على المسلم لا يثبت للمسلم على الكافر يعنى ولاية التزويج بسبب القرابة وولاية التصرف في المال وبه فارق التوريث بالسبب العام فان الألوية بالسبب العام تثبت للمسلم على الكافر كولاية الشهادة والسلطنة ولا تثبت للكافر على المسلم بحال فكذلك التوريث وهذا بخلاف المرتد فالإرث للمسلم منه يستند إلى حال اسلامه ولهذا قال أبو حنيفة رضي الله عنه انه يورث عنه كسب اسلامه ولا يورث عنه كسب الردة ولهذا لا يرث هو من المسلم لأنه لا يتحقق معنى الاستناد في جانبه أو لا يرث هو عقوبة له على ردته كما لا يرث القاتل بغير حق من المقتول شئ ثم المرتد غير مقر على ما اعتقده بل هو مجبر على العود إلى الاسلام فيبقى حكم الاسلام في حقه فيرثه وارثه المسلم باعتبار هذا المعنى ولا يرث هو من أحد شيئا لان حكم الاسلام إنما يعتبر في حقه فيما لا ينتفع هو به دون ما ينتفع به والمراد بقوله عليه السلام الاسلام يعلو ولا يعلى العلو من حيث الحجة أو من حيث القهر والغلبة فيكون المراد ان النصرة في العاقبة للمؤمنين وأما الحديث الآخر قلنا عندنا نفى التوريث يكون محالا به على كفر الكافر لأنه خبيث ليس من أهل أن يجعل المسلم خلفا له فلا يكون هذا النقصان محالا به على اسلام المسلم كالزوج إذا أسلم وامرأته مجوسية يفرق بينهما لأنها خبيثة ليست من أهل أن يستفرشها المسلم إلا أن يكون اسلامه مبطلا ملكه ثم أهل الكفر يتوارثون فيما بينهم وان اختلفت مللهم فاليهودي يرث من النصراني والنصراني من المجوسي والمجوسي منهما عندنا وهكذا ذكر المزني في المختصر عن الشافعي وروى بعض أصحاب الشافعي انهم لا يتوارثون إلا عند اتفاق الاعتقاد وهكذا رواه ابن القاسم عن مالك وقال ابن أبي ليلى اليهود والنصارى لا يتوارثون بينهم ولا يرثهما المجوسي ولا يرثان من المجوسي شيئا فمن قال لا يتوارثون استدل بقوله عليه السلام لا يتوارث أهل ملتين بشئ وهم أهل ملل مختلفة بدليل قوله تعالى والذين هادوا والنصارى وإنما يعطف الشئ على غيره لا على بعضه فكما أن عطف اليهود على المسلمين دليل على أنهم أهل ملتين فكذلك عطف النصارى علي اليهود قال الله تعالى ولن ترضي عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم ومعلوم ان اليهود لا ترضى الا بان يتبع اليهود معهم والنصارى كذلك فعرفنا ان لكل واحد من الفريقين ملة على حدة ولان النصارى يقرون بنبوة عيسى عليه السلام والإنجيل واليهود يجحدون ذلك فكان ملة كل
(٣١)