به خصوصا إذا تأيد ذلك بنيته ولان الانسان قد يمتنع من اعطاء الدراهم ولا يمتنع من اعطاء الدنانير لماله من المقصود في الصرف والتقييد إذا كان فيه غرض صحيح يجب اعتباره ولو قال لرجل ان أكلت عندك طعاما أبدا فهو كله حرام ينوى بذلك العين فأكله عنده لم يحنث لأنه يجعل الحرام ما أكله وبعد ما أكله لا يتصور أن يجعله حراما وهذا لان وصف الشئ بأنه حرام بطريق انه محل لايقاع الفعل الحرام فيه وذلك لا يتحقق بعد الأكل وتحريم الحلال إنما يكون يمينا إذا صادف محله فاما إذا لم يصادف محله كان لغوا ومن أصحابنا رحمهم الله من يقول إنه بعد ما أكله حرام (ألا ترى) انه على أي وجه انفصل عنه كان حراما فيقول هو صادف محله في كلامه ولكن هذا ليس بصحيح لأنه كما أن تحريم الحلال يمين فتحريم الحرام يمين حتى إذا قال هذا الخمر على حرام ونوى به اليمين كان يمينا فعرفنا ان الطريق هو الأول وهو ان هذا التحريم لم يصادف محله أصلا ولو حلف لا يذوق طعاما لفلان فأكل طعاما له ولآخر حنث لأنه قد ذاق طعام فلان والطعام المشترك بين اثنين لكل واحد منهما جزء منه والذوق يتم بذلك الجزء كالأكل يتم به ولو حلف لا يأكل طعام فلان فأكل طعاما له ولآخر كان حانثا في يمينه بخلاف ما لو حلف لا يلبس ثوب فلان فلبس ثوبا بينه وبين آخر أو لا يركب دابة فلان فركب دابة بينه وبين آخر لان الجزء الذي هو مملوك لفلان لا يسمى ثوبا ولا دابة وعلى هذا لو حلف لا يأكل لقمة لفلان فأكل طعاما بينه وبين آخر لم يحنث لان كل لقمة مشتركة بينه وبين فلان وإنما جعل شرط حنثه أكل لقمة فلان خاصة ولم يوجد ذلك ولو حلف لا يشرب الشراب ولا نية له بهذا غير الخمر فان شرب غيرها لم يحنث يعني غيرها مما لا يسكر فاما ما يشرب للسكر والتلهي به إذا شرب شيئا منه كان حانثا لان الشراب في الناس إذا أطلق يراد به المسكر والانسان إنما يمنع من ذلك بيمينه للتحرز عن السكر فيتناول مطلق لفظه ما يسكر ويسقط اعتبار حقيقة لفظه بالاتفاق حتى لا يحنث بشرب الماء أو اللبن وهو شراب فالشراب حقيقة ما يشرب ولو حلف لا يزاول حراما فشرب خمرا لم يحنث إلا أن ينويه لان المراد بهذا اللفظ الفجوز عند الاطلاق فينصرف يمينه إليه إلا أن ينوى غيره فالحاصل أن دليل العرف يغلب على حقيقة اللفظ في باب الايمان ولهذا لو حلف لا يشترى بنفسجا ينصرف إلى دهن البنفسج دون الورق والبنفسج للورق حقيقة فعرفنا أن العرف يعتبر في باب الايمان وان مطلق اللفظ يتقيد
(٢٣٦)