انه وجد أخذ جميع الحق متفرقا حتى لو وجد الكل ستوقا فاستبدله لم يحنث لأنه ما أخذ حقه متفرقا وان حلف لا يتقاضى فلانا فلزمه فلم يتقاضاه لم يحنث لان الملازمة غير التقاضي فالتقاضي يكون باللسان والملازمة تكون بالبدن والملازمة غير التقاضي في عرف الناس ومبنى الايمان على العرف ولو حلف المطلوب ليعطيه حقه درهما دون درهم فأعطاه بعض حقه لم يحنث لان الشرط اعطاء جميع حقه متفرقا فان قوله درهما دون درهم عبارة عن التفرق عادة وهو باعطاء بعض الحق إنما أعطاه حقه متفرقا ولو حلف الطالب لا يفارقه حتى يستوفى ماله عليه فنام الطالب أو غفل فهرب المطلوب لم يحنث في يمينه لأنه عقد يمينه على فعل نفسه وهو ما فارق المطلوب إنما المطلوب فارقه حين هرب منه ولو حلف لا يفارقه فأمره السلطان أن لا يتعرض له وحال بينه وبين لزومه فذهب المطلوب ولم يقدر الطالب على إمساكه لم يحنث لان الطالب ما فارقه إنما المطلوب هو الذي هرب منه وفعل غيره لا يكون فعلا له ولكونه بأمر السلطان عجز عن إمساكه وبهذا لا يصير مفارقا له لو قال كل شئ أبايع به فلانا فهو صدقة ثم بايعه لم يلزمه شئ لان البيع يزيل ملكه فإنما أضاف النذر بالصدقة إلى حال زوال ملكه عما بايع غيره به والمضاف إلى وقت كالمنشأ في ذلك الوقت وبعد ما زال ملكه بالبيع عن العين لو قال لله تعالى على أن أتصدق بهذا العين لم يصح نذره فان قيل لماذا لم يجعل هذا اللفظ التزاما للتصدق بيمينه قلنا لأنه قال فهو صدقة ولم يقل قيمته صدقة والملتزم للتصدق بالعين لا يكون ملتزما للتصدق بالثمن ولو حلف المطلوب أن لا يعطى الطالب شيئا ثم أمر المطلوب رجلا فأعطاه حنث في يمينه لان الحالف هو المعطى فان الدافع رسول من جهته بالتسليم إلى فلان فيصير المعطى فلانا (ألا ترى) انه لو دفع صدقته إلى انسان ليفرقها على المساكين ثم إن الدافع لم يحضر النية عند التصدق جاز إذا وجدت النية ممن أمره بالصدقة وجعل كأنه هو المعطي فهذا مثله فان حلف أن يعطيه من يده إلى يده يحنث لأنه جعل شرط حنثه اعطاء مقيدا بصفة وهو أن يكون بالمناولة وهذا لان الاعطاء من يده إنما يكون من المعطى وهو المباشر للاعطاء فيه حقيقة وحكما وإذا صرح في يمينه بالاعطاء على أتم الوجوه لا يحنث بما دونه وإذا أطلق اللفظ يعتبر ما هو المقصود وذلك حاصل سواء أعطاه بيده أو أمر غيره فأعطاه وان حلف أن لا يعطيه ما عليه درهما فما فوقه فأعطاه حقه كله دنانير وإنما عنى الدراهم لم يحنث لأنه صرح في يمينه بالدراهم ولا بد من اعتبار ما صرح
(٢٣٥)