غير أنه ان انتهى إلى ذلك البلد فوجد صاحبه قد مات فرفع الامر إلى القاضي فامر ببيعه أو يدفعه إلى رجل آخر ففعل ذلك بأمره فلا ضمان عليه وله الاجر لان للقاضي ولاية النظر في مال الغائب وفعله بأمر القاضي وفعله بأمر صاحب الطعام سواء ولو فعل شيئا من ذلك بأمر صاحب الطعام لم يكن ضامنا وله الاجر فكذلك إذا فعل بأمر القاضي قال ولا ينبغي للقاضي أن يدخل في ذلك لأنه لا يعرف صدقه فيما يقول ولأنه قد التزم حفظه فيوليه القاضي ما تولى لأنه إنما نصب القاضي لفصل الخصومة لا لانشائها وليس هنا خصم لمن في يده الطعام فلهذا لا ينظر القاضي في ذلك وهو أولى الوجهين له وإذا قال الرجل من جاءني بمتاعي من مكان كذا فله درهم فذهب رجل فلم يجد المتاع ثم جاء فلا أجر له اما إذا ذهب فجاء بالمتاع فله أجر مثله لا يجاوز به المسمى عندنا وعلى قول الشافعي له المسمى لقوله تعالى ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم وما أخبر الله تعالى عن الأمم السالفة فهو ثابت في حقنا حتى يقوم دليل النسخ ولكنا نقول هذا استئجار المجهول واستئجار المجهول باطل الا انه إذا حمله انسان بعد ما سمع كلامه فإنما جاء به على جهة تلك الإجارة وقد رضى القائل بذلك فيستوجب أجر المثل باعتبار ان جهة الشئ بمنزلة حقيقته فأما إذا ذهب فلم يجد المتاع فرجع لم يكن له الاجر بخلاف ما إذا خاطب به انسانا بعينه فهناك يستحق أجر الذهاب لأن العقد انعقد بينهما حين خاطبه بعينه فكان هو في الذهاب عاملا للمستأجر ساعيا في تحصيل مقصوده فيستحق أجر الذهاب وهنا العقد ما انعقد بين المستأجر وبين الذاهب لأنه لم يخاطبه بعينه وإنما يكون انعقاد العقد باعتبار مجيئه بالمتاع وإذا لم يجئ بالمتاع لم يكن عاملا له في الذهاب والمجئ بحكم العقد فلهذا لا يستوجب شيئا من الاجر ولو استأجر دابة ليحمل عليها عشرين ثوبا ربطيا فحمل عليها هرويا فعطبت الدابة لم يضمن استحسانا لان في الضرر على الدابة لا فرق بين الربطي والهروي وإنما يعتبر من القيمة ما يكون مقيدا دون مالا يقيد كما أنه يعتبر من التعيين ما يكون مقيدا دون مالا يقيد ولو استأجرها ليحمل عليها هذه الأثواب الربطية فحمل عليها مثلها من الثياب الربطية فعطبت لم يضمن شيئا فكذلك هنا وإذا تكارى الرجل من الرجل دابة ونقده الكراء ثم أخذ منه كفيلا بالكراء ثم أفلس المكارى ولم يركب الرجل فعلى الكفيل أن يرد الكراء لأنه كفيل للمستكرى عن المكارى ما وجب رده من الكراء المقبوض وحين أفلس المكارى ولم يجد المستكرى الدابة ليركبها فقد وجب على المكارى رد جميع الكراء وقد كفل الكفيل
(٢٠٣)