وان أراد أحدهما أن يزيد عليه خشبة واحدة على صاحبه أو يفتح كوة أو يتخذ عليه سترة أو يفتح فيه بابا لم يكن له ذلك الا باذن صاحبه لأنه تصرف في الملك المشترك وأحد الشريكين لا ينفرد بالتصرف في الملك المشترى وإنما ينفرد بالتصرف في نصيبه خاصة وهذه التصرفات لما كانت في نصيبه خاصه ولان في هذا التصرف ضرر من حيث توهين البناء أو زيادة الحمل عيه وليس لاحد الشريكين ولاية الحاق الضرر بشريكه فلهذا كان ممنوعا من هذه التصرفات الا باذن شريكه وإذا انهدم الحائط فقال أحدهما نبنيه كما كان ونضع عليه جذوعنا كما كانت وأبى الآخر لم يجبر الآخر على البناء معه لأنه يحتاج في البناء إلى الانفاق بماله والانسان لا يجبر على اتلاف ماله في مثل ذلك فان صاحب الشرع صلى الله عليه وسلم ذم الانفاق في البناء فقال شر المال ما تنفقه في البنيان وقال عليه السلام إنما يتلف المال الحرام الربا والبناء فلهذا لا يجبر أحد الشريكين على ذلك عند طلب الآخر وهذا لأنه إنما يجبر الآخر عند طلب أحدهما على قسمة المشترك ولا شركة بينهما فيما ينفق كل واحد منهما على البناء من ملك نفسه فان قال الطالب أنا أبنيه بنفقتي وأضع عليه جذوعي كما كانت فله ذلك لأنه ينفق ماله ليتوصل إلى الانتفاع بملكه ولا ضرر على شريكه في ذلك فلا يمنع منه وإذا منعه شريكه من ذلك يكون متعنتا قاصدا إلى الاضرار به فلا يمكن من ذلك فان فعله فأراد الاخر أن يضع عليه جذوعه كما كانت فله ذلك بعد ما يرد عليه نصف قيمة البناء لان البناء ملك الثاني فيكون له أن يمنع صاحبه من الانتفاع به حتى يرد عليه نصف قيمته فإذا رد ذلك يصير متملكا عليه نصف البناء بنصف قيمته وهو نظير العلو والسفل إذا انهدما فأبى صاحب السفل أن يبنيه كان لصاحب العلو أن يبنى السفل ويبنى فوقه بيته ثم يمنع صاحب السفل من الانتفاع بسفله حتى يرد عليه قيمة البناء وقد بينا هذا في الدعوى إشارة هنا إلى أنه استحسان وليس له في القياس أن يبنى السفل لأنه يضع البناء في ملك غيره ولا ولاية له على الغير في وضع البناء في ملكه ولكنه استحسن ذلك لدفع الضرر عنه فإنه لا يتوصل إلى بناء علوه والانتفاع به ما لم يبن السفل وهذا القياس والاستحسان في الحائط المشترك أيضا وإذا كانت الدار بين رجلين فاقتسماها على نصفين وباع أحدهما حصته ثم استحقت حصة الآخر قال يرجع على صاحبه بنصف ما باع يعنى بنصف قيمة ما باع لان ما أخذ كل واحد منهما فإنما أخذ نصفه بقديم ملكه ونصفه عوضا عما سلم لصاحبه من نصيبه فكأنه ملك ذلك على صاحبه من جهة المعاوضة
(١٩٢)