الطالب ببينة على قبض المتاع للعرف الظاهر أن المشترى يقر بوجوب الثمن عليه بعد البيع قبل القبض فلا يكون اقدامه على الاقرار بذلك دليلا على قبضه المبيع فإذا قال لم أقبض فهو منكر للقبض بالحقيقة فالقول قوله مع يمينه وعلى الطالب البينة على تسليم المبيع ولكنا نقول إذ لم يكن المبيع معينا فثمنه لا يكون واجبا عليه الا بعد القبض وفى اقراره بوجوب المال عليه دليل الاقرار بالقبض فإذا قال بعد ذلك لم أقبض فهو مناقض في كلامه وإذا شهدت الشهود على زنا قديم أو سرقة قديمة فعلى قولنا لا يقام الحد في ذلك وعند ابن أبي ليلي يقام الحد وقد بينا المسألة في الحدود وفيه حديث عمر رضي الله عنه حيث قال أيما قوم شهدوا علي حد لم يشهدوا عند حضرة ذلك فإنما شهدوا على ضغن فلا شهادة لهم وعن ابن أبي ليلى في حد السكر ان أتى به وهو غير سكران فلا حد عليه لانعدام العلة الموجبة للحد ولكنا نقول الموجب للحد هو الشرب لي غاية السكر ولا ينعدم ذلك وان زال ما به من السكر إلا عند أبي حنيفة وأتى يوسف رحمهما الله فإنهما يشترطا بقاء الرائحة لإقامة الحد عليه وعند محمد لا يشترط ذلك وقد بيناه في الحدود وإذا دعى الرجل دينا على ميت شهد له به شاهدان ثم شهد هو وآخر على دين لرجل آخر فشادتهما جائزة عندنا وعلى قول ابن أبي ليلى لا تجوز شهادته لان التركة مشغولة بحق الغرماء وهي كالمستحقة لهم بدينهم فهذا في معنى شهادة أحد الشريكين له لشريكه ولكنا نقول الغريم يتضرر بهذه الشهادة لان بدون هذه الشهادة كان هو أحق بالتركة والآن يثبت لغيره المزاحمة معه في التركة وفى هذا ضرر عليه وإنما تتمكن التهمة في شهادته إذا كان للشاهد منفعة فيها وأما إذا كان عليه ضرر في شهادته فالتهمة لا تتمكن فيها فيجب قبول الشهادة وقد تقدم بيان نظائر هذه المسألة في الوصايا وإذا أقر الرجل بالزنا عند غير قاض أربع مرات فشهد به عليه الشهود لم يحد عندنا ويحد في قول ابن أبي ليلى رحمه الله اعتبارا للاقرار بالزنا بالاقرار بسائر الأسباب الموجبة للعقوبة كالقتل والقذف فكما أن هناك تقبل البينة على اقراره بذلك ويجعل الثابت من اقراره بالبينة كالثابت بالمعاينة فكذلك هنا ولكنا نقول الرجوع عن الاقرار صحيح في باب الزنا والحدود التي هي محض حق الله تعالى (ألا ترى) ان ماعزا رضي الله عنه لما هرب ثم أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك فقال عليه السلام هلا خليتم سبيله وإنما قال ذلك لأنه جعل هربه دليل رجوعه عن الاقرار فإذا ثبت ان الرجوع صحيح هنا قلنا البينة لا تقبل الا علي منكر وانكاره رجوع عما سبق من الاقرار لا محالة فإنما شهد
(١٥١)