المبسوط - السرخسي - ج ٣٠ - الصفحة ١٥٠
وحجتنا في ذلك أن مطالبة كل واحد منهما صاحبه بدراهمه اشتغال بما لا يفيد لأنه يستوفى من صاحبه ويرد عليه من ساعته ما كان له قبله ولا يجوز الاشتغال بما لا يفيد وهذا بخلاف العين لان في الأعيان للناس أغراضا ولا يوجد مثل ذلك الغرض في الدين فان الديون تقضى بأمثالها لا بأعيانها فلا فائدة لواحد منهما في مطالبة صاحبه هنا لان التفاوت بين المعنيين متحقق في معنى من المعاني ولا يتحقق التفاوت بين الدينين إذا استويا من كل وجه وإنما يتحقق التفاوت إذا اختلفا في صفة الجودة والحلول ولا أحد يقول عند ذلك لا تقع المقاصة بينهما ومبادلة الدين بالدين إنما تجوز فيما لا يحتاج إلى قبض في المجلس وهنا يحتاج إلى القبض (ألا ترى) انهما لو تراضيا على المقاصة كان جائزا ومبادلة الدين بالدين حرام شرعا وان وجد التراضي لنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الكالئ بالكالئ وإذا كتب الرجل على نفسه صك حق يعوض ثم أقام البينة ان أصله مضاربة لم تقبل بينته عندنا وقال ابن أبي ليلى أقبل بينته واجعله مضاربة كذلك لو أقر علي نفسه بمال في صك حق من ثمن متاع ثم أقام البينة انه ربا لم تقبل بينته عندنا وكان ابن أبي ليلى يقبلها منه ويرده إلى رأس المال والقياس ما قلنا لان قبول البينة ينبنى على صحة الدعوى وبعد ما أقر ان المال عليه قرضا لا يصح دعواه انه مضاربة لأنه مناقض في ذلك وبدون الدعوى لا تقبل البينة وكذلك بعد ما أقر ان المال واجب عليه من ثمن متاع لا يسمع دعواه انه ربا لكونه مناقضا في ذلك فان الربا لا يكون واجبا عليه وبدون الدعوى لا تقبل بينته واستحسن ابن أبي ليلى رحمه الله في الفصلين جميعا لأنه وجد في ذلك عرفا ظاهرا بين الناس انهم يكتبون القرض للاحتياط وان كانوا دفعوا المال مضاربة ويقرون بثمن المتاع وإن كان أصل المعاملة قرضا والزيادة ربا شرط عليه فللعرف الظاهر قال تقبل بينته على ذلك ولكن هذا ليس بقوى فهذا العرف يدل على شهادة الظاهر له وذلك دليل قبول قوله مع يمينه لا دليل قبول بينته وبالاتفاق لا يقبل قوله مع يمينه لما سبق من الاقرار فكذلك لا تقبل بينته ولو أقر بمال في صك حق من ثمن بيع ثم قال لم أقبض المبيع فقد بينا هذه المسألة في كتاب البيوع ان على قول أبي حنيفة ومحمد لا يصدق وصل أم فصل وفى قول أبى يوسف الأول ان وصل صدق وان فصل لا يصدق ثم رجع فقال إذا فصل يسأل المقر له عن سبب وجوب المال فان أقر انه من ثمن بيع فالقول قول المقر انى لم أقبض المبيع وهو قول محمد وفى قول ابن أبي ليل سواء فصل أم وصل فالقول قوله باني لم أقبض المبيع ولا يلزمه شئ حتى يأتي
(١٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب ميراث ذوى الأرحام 2
2 باب ميراث أولاد الإخوة من ذوى الأرحام 13
3 فضل في بيان من له قرابتان من البنات والأخوات 15
4 فصل في بيان ذي القرابتين من بنات الاخوة وأولاد الأخوات 17
5 باب ميراث العمات والأخوال والخالات 18
6 فصل في ميراث أولاد العمات والأخوال والخالات 20
7 فصل في ميراث أعمام الام وعماتها وأخوال الام وخالاتها 23
8 باب الفاسد من الأجداد والجدات 24
9 باب الحرقى والغرقى 27
10 باب مواريث أهل الكفر 30
11 فصل في ميراث المجوس 33
12 فصل في ميراث المرتد 37
13 باب الولاء 38
14 فصل في ولاء الموالاة 43
15 باب ميراث القاتل 46
16 باب ميراث الحمل 50
17 فصل في ميراث المفقود 54
18 باب المناسخة 55
19 باب طلاق المريض 60
20 باب ما يسأل عنه من المتشابه في غير ولاء مجوسي 61
21 باب السؤال في بنات الابن والاخوة 66
22 باب من متشابه النسب 67
23 فصل فيما يسأل عنه من المحال الذي لا يكون 68
24 باب اقرار الرجل بالنسب 69
25 باب اقرار الورثة بوارث بعد وارث 71
26 باب الاقرار بعد قسم الميراث 88
27 كتاب فرائض الخنثى 91
28 كتاب الخنثى 103
29 كتاب حساب الوصايا 114
30 كتاب اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى 128
31 كتاب الشروط 168
32 كتاب الحيل 209
33 باب الإجارة 215
34 باب الوكالة 220
35 باب الصلح 222
36 باب الايمان 231
37 باب في البيع والشراء 237
38 باب الاستحلاف 241
39 كتاب الكسب 244
40 كتاب الرضاع 287
41 كتاب تفسير التحريم بالنسب 290
42 باب تفسير لبن الفحل 293
43 باب نكاح الشبهة 303