بينهما وذهب في ذلك إلى أن التأجيل معتاد جرى فيما بينهما أن لا يطالبه بالمال الا بعد مضى المدة والمواعيد لا يتعلق بها اللزوم إلا أن يكون شرطا في عقد لازم لهذا لا يثبت الاجل في القرض والعارية لأنه ليس بمشروط في عقد لازم فكذلك لا يثبت في الثمن وغيره من الديون إلا أن يكون شرطا في عقد لازم وكذلك الصلح أو أصل البيع إذا ذكر فيه الاجل ولكنا نقول لو باعه بثمن مؤجل في الابتداء يثبت الاجل فكذلك إذا أجله في الثمن في الانتهاء لان هذا التأجيل يلتحق بأصل العقد بمنزلة الزيادة في الثمن والمثمن بأصل العقد ويصير كالمذكور فيه والدليل عليه أن الاجل بمنزلة الخيار لأنه يؤثر في تغير حكم العقد فان توجه المطالبة في الحال من حكم العقد ويتغير بالأجل وثبوت الملك في الحال من حكم العقد ويتغير بشرط الخيار ثم الخيار لا فرق بين أن يكون مشروطا في أصل العقد أو يجعله أحدهما لصاحبه بعد العقد فكذلك في حكم الاجل وهذا لأن العقد قائم بينهما يملكان التصرف فيه بالرفع والابقاء فيملكان التصرف فيه بما يغير حكمه على وجه هو مشروع وتعتبر حالة الانتهاء بحالة الابتداء وبهذه المعاني يظهر الفرق بين الثمن وبدل القرض ولو كان لرجل على رجل مال فتغيب حتى حط الطالب بعضه ثم ظهر لم يكن له أن يرجع فيما حط عنه وقال ابن أبي ليلى له أن يرجع فيه لأنه كان مضطرا في هذا الحط فإنه كأن لا يتمكن من خصمه ليستوفى منه كمال حقه وبهذا النوع من الضرورة ينعدم تمام الرضا منه بالحط كما ينعدم بالاكراه فكما أنه لو أكره على الحط لم يصح حطه لعدم تمام الرضا فكذلك هنا ولكنا نقول الحط اسقاط وهو يتم بالمسقط وحده فإذا أسقطه وهو طائع صح ذلك منه فلا رجوع له فيه بعد ذلك لان المسقط يكون متلاشيا وإنما يتحقق الرجوع في القائم دون المتلاشى والدليل عليه أن اسقاط البعض معتبر باسقاط الكل ولو أبرأه عن جميع دينه لم يكن له أن يرجع فيه وان ظهر خصمه بعد ذلك فكذلك إذا حط بعضه وقوله انه مضطر قلنا لا كذلك فإنه متمكن من أن يصبر إلى أن يظهر خصمه فالتأخير لا يفوت شيئا من حقه فإذا لم يكن يفعل كان مختارا طائعا في الحط والصلح بمنزلة المغصوب منه إذا أخذ القيمة بعد ما أبق المغصوب ثم عاد من إباقه لم يكن له على العبد سبيل ولهذا المعنى صححنا ابراءه عن الكل وفرقنا بينه وبين المكره على الابراء فكذلك الحط وإذا اشترى الرجل ثمرا قبل أن يبلغ من أصناف الثمار كلها أو اشترى طلعا حين يخرج جاز العقد عندنا وقال ابن أبي ليلى لا خيار في شئ من ذلك واستدل
(١٣٤)