قال في التوضيح نقلا عن ابن راشد: والفرق بينهما وبين دين الزكاة أن دين الزكاة تتوجه المطالبة به من الإمام العادل ويأخذها كرها من مانعي الزكاة، بخلاف الكفارة والهدي فإنه لا يتوجه فيهما ذلك اه.
وتعقب هذا الفرق أبو عبد الله بن عتاب من أكابر أصحاب ابن عرفة قائلا: لا فرق بين دين الزكاة ودين الهدي والكفارة في مطالبة الامام بهما، ونقل ذلك عن اللخمي والمازري كما في المعيار. قلت: ونص اللخمي الذي يقتضيه المذهب أن الكفارات مما يجبر الانسان على اخراجها ولا توكل لأمانته قال: وهذا هو الأصل في الحقوق التي لله في الأموال، فمن كان لا يؤدي زكاته أو وجبت عليه كفارات أو هدي وامتنع من أداء ذلك فإنه يجبر على إنفاذه. وقال ابن المواز فيمن وجبت عليه كفارات فمات قبل اخراجها: إنها تؤخذ من تركته إذا لم يفرط اه بن. والحاصل أن دين الكفارة والهدي في إسقاطه لزكاة العين كدين الزكاة وعدم إسقاطه لها طريقتان: الأولى مختار ابن عتاب. والثانية مختار المصنف وابن راشد. قوله: (أو مما أفهمته المخالفة في قوله بخلاف العين) فكأنه قال بخلاف العين فإنه تسقط زكاتها بكل دين مما ذكر إلا أن يكون عنده إلخ. قوله: (زكى) أي وجبت فيه الزكاة لكونه نصابا كخمسة أوسق فأكثر. وقوله: إن لم تجب فيه زكاة أي لكونه أقل من خمسة أوسق، ولا يشترط في المعشر والنعم غير المزكى ما اشترط في العرض وهو إقامة ذلك عنده حولا كما يأتي. قوله: (أو معدن) ليس المراد أن ذات المعدن تجعل في مقابلة الدين، بل المراد أن ما أخرجه من المعدن يجعله في دينه ابن الحاجب اتفاقا اه بن. قوله: (أو قيمة كتابة) أي فإذا كانت عليه أربعون دينارا دينا وبيده أربعون دينارا وقيمة الكتابة عشرون جعلها في مقابلة عشرين من الدين ويجعل العشرين الباقية من الدين في مقابلة عشرين مما بيده ويزكي عن العشرين الباقية، فلو كانت قيمة الكتابة عشرة فلا زكاة عليه لان الباقي في يده ليس في مقابلة الدين عشرة فقط وهي أقل من نصاب، ثم ما ذكره المصنف من جعل قيمة الكتابة فيما عليه من الدين هو قول ابن القاسم وهو المشهور. وقال أشهب: يجعل في قيمة المكاتب على أنه مكاتب.
وقال أصبغ: قيمة المكاتب على أنه عبد اه. ثم إنه على الأول إذا كانت الكتابة عروضا قومت بعين، وإن كانت عينا قومت بعروض ثم قومت بعين، فإن عجز المكاتب وفي رقبته فضل أي زيادة على الكتابة زكى من ماله مقدار ذلك الفضل بناء على مذهب ابن القاسم القائل بجعل قيمة الكتابة في الدين، فإذا كان عليه أربعون دينارا وبيده أربعون وقيمة الكتابة عشرة فلا زكاة فيما بيده كما مر، فلو عجز المكاتب والحال أن رقبته تساوي عشرين ففي رقبته فضل عن الكتابة وهي عشرة، فإذا جعلت قيمة ذلك العبد في مقابلة الدين كان الباقي مما بيده عشرين فيزكيها، فقد زكى الفضل بين الرقبة والكتابة وهو عشرة. قوله: (كان التدبير سابقا إلخ) ما ذكره من جعل قيمة رقبة المدبر في الدين ظاهر، فيما إذا كان التدبير حادثا بعد الدين لبطلان التدبير حينئذ وبيع العبد في الدين، وأما لو كان التدبير سابقا على الدين فجعل قيمة رقبته في الدين مشكل، إذ لا يجوز بيع المدبر حينئذ فيقال: هذا مراعاة لمن يقول: إن المدبر يجوز بيعه كالقن. واعلم أن جعل قيمة رقبة المدبر في الدين إذا كان الدين سابقا على التدبير لا خلاف فيه، بخلاف ما إذا تقدم التدبير على الدين ففيه خلاف فقال ابن القاسم: يجعل في رقبته أيضا. وقال أشهب: يجعل في خدمته. قال في التوضيح: وكأن ابن القاسم راعى قول من قال بجواز بيعه، فتبين أن قول المصنف أو رقبة مدبر على إطلاقه اتفاقا في تأخير التدبير عن الدين وعلى المشهور في تقدمه عليه انظر بن. قوله: (أخدمه له الغير سنين أو حياته) هكذا في نص ابن المواز كما في التوضيح، لكن قال اللخمي: قوله يجعل الدين في قيمة الخدمة إذا كانت حياته ليس بحسن لان ذلك مما لا يجوز بيعه بنقد ولا بغيره، وأظنه قاس ذلك على المدبر وليس مثله لان الجواز في المدبر