إذا رجع لشئ نسيه فإنه يقصر لأنه لم يرفض سفره، ومحل هذا الخلاف إذا لم يدخل قبل رجوعه وطنه الذي نوى الإقامة فيه على التأبيد، فإن دخله فلا خلاف في إتمامه في حالة الرجوع قوله: (ولا عادل عن قصير) مقتضى ما ذكره ح من تعليلهم بأن ذلك مبني على عدم قصر اللاهي أنه إذا قصر لا يعيد وهو الظاهر لان العدول عن القصير للطويل غير محرم، وفي التوضيح هذا مبني على أن اللاهي بصيد وشبهه لا يقصر وأما على القول بأنه يقصر فلا شك في قصر هذا اه بن قوله: (وهو المتجرد) أي عن التعلق بالدنيا قوله: (يرتفع) أي يقيم قوله: (إلا أن يعلم إلخ) أي كما إذا خرج سائحا في الأرض حتى يصل لبيت المقدس مثلا أو سافر طالبا للرعي إلى أن يصل لغزة مثلا فله القصر حيث علم قطع المسافة قبل غزة وبيت المقدس قوله: (ولا منفصل إلخ) حاصله أنه إذا خرج من البلد عازما على السفر ثم أقام قبل مسافته ينتظر رفقة لاحقة له، فإن جزم أنه لا يسافر دونها ولم يعلم وقت مجيئها فإنه لا يقصر بل يتم مدة انتظارها لها، فإن نوى انتظارها أقل من أربعة أيام فإن لم تأت سافر دونها أو جزم بمجيئها قبل الأربعة أيام قصر مدة انتظاره لها. قوله: (لكن بعد أربعة أيام) أي بأن جلس في انتظارها وعزم على أنها إن جاءت في مدة الأربعة أيام سافر معها، فإن لم تأت سافر دونها بعد الأربعة أيام قوله: (وقطعه دخول بلده) الظاهر كما قال شارحنا تبعا لح وابن غازي وطفي أن المراد بالدخول هنا الدخول الناشئ عن الرجوع بدليل قوله في الاستثناء ورجع إلخ. وفي الآتية بالدخول الناشئ عن المرور فلا تكرار بينهما وإن كان في الأول تكرار مع قوله إلى محل البدء خلافا للمواق وعبق وحيث حملا على دخول المرور فيهما فلزمهم التكرار وما دفعوه به من أن المراد ببلده بلده أصالة وبوطنه محل انتقل إليه بنية السكن فيه على التأبيد إلخ بعيد مع أن الاستثناء يمنع من ذلك وعلى ما لابن غازي، فالريح هنا ألجأته لدخول الرجوع، وفي التي بعد ألجأته لدخول المرور، وأما على ما قاله المواق وعبق الريح ألجأته لدخول المرور فيهما، ثم إن مراد المصنف كما يدل عليه كلام ابن غازي رجوعه بعد أن سار مسافة القصر بدليل إسناده القطع للدخول أي فلا يزال في رجوعه يقصر إلى أن يدخل فينقطع القصر خلافا لما حمله عليه ح من أن مراده الرجوع من دون مسافة القصر وأن مجرد الاخذ في الرجوع يقطع حكم السفر لأنه غير ظاهر المصنف وغير مناسب للاستثناء بعده وفيه التكرار مع قوله ولا راجع لدونها. قوله: (سواء كانت وطنه) أي مقيما فيها بنية التأبيد كانت بلده الأصلية أو غيرها. وقوله أم لا أي بأن مكث فيها مدة طويلة لا بنية التأبيد، وبهذا التعميم صح الاستثناء بعد ذلك بقوله: إلا متوطن كمكة فالمستثنى منه عام لصورتين والمستثنى إحدى الصورتين، وإنما كان دخول البلد قاطعا للقصر لان دخول البلد مظنة للإقامة فإذا كفت نية الإقامة في قطع القصر فالفعل المحصل لها بالظن أولى قوله: (وإن بريح) بالغ عليه ردا على سحنون القائل بجواز القصر لمن غلبته الريح وردته لبلده ومثل الريح جموح الدابة. قوله: (لامكان الخلاص منه) أي بحيلة كأن يهرب منه أو يستشفع بآخر أو يستعين عليه بأعلى منه فهو بمظنة عدم إقامة أربعة أيام فهو حينئذ على حكم السفر بخلاف الريح فإنها لا تنفع معها حيلة قوله: (فليتأمل) أي في هذا الفرق الذي فرقوا به بين الريح والغاصب هل هو مفيد للمقصود أو لعكسه كما ادعاه شب؟ قال شيخنا: ولم يظهر لي كونه مفيد العكس المقصود كما ادعاه شب. قوله: (إلا متوطن كمكة إلخ) حمله ح والمواق وغيرهما على مسألة المدونة ونصها: ومن دخل مكة وأقام بضعة عشر يوما فأوطنها ثم أراد أن يخرج إلى الجحفة ثم يعود إلى مكة ويقيم بها اليوم واليومين ثم يخرج منها فقال مالك: يتم في يوميه ثم قال: يقصر. قال ابن القاسم وهو أحب إلي اه. ووجه ابن يونس الأول بأن الإقامة فيها أكسبتها حكم الوطن. ووجه الثاني بأنها
(٣٦٢)