يصرف الدنانير بدراهم ثم يصرفها بدنانير: ولو غصب جارية أن يبيعها منه وهي غائبة ببلد آخر انتهى. وقال في التوضيح بعد أن نقل كلام ابن عبد السلام: والذي في المدونة وغيرها جواز ذلك والله أعلم. ويفهم من كلام المصنف أنه إذا كان الغاصب غير عازم على رد المغصوب إلى ربه لم يجز البيع وهو كذلك. قال في التوضيح عن ابن رشد اتفاقا. وإن أشكل أمره فقولان يستروح من كلام المصنف ترجيح المنع.
تنبيه: حيث قلنا: لم يجز البيع فالمعنى أنه لا يصح ولا يلزم البائع، وليس المراد أنه يحرم عليه أن يأخذ من الغاصب ثمنا لأنه يستخلص من حقه ما قدر عليه فتأمله والله أعلم ص: (وللغاصب نقض ما باعه إن ورثه لا اشتراه) ش: هذه مسألة الغصب من المدونة وتصورها ظاهر، وكذا من تعدى على ملك غيره فباعه. قال في كتاب الغرر من المدونة:
ومن تعدى في متاع عنده وديعة فباعه ثم مات ربه فكان المتعدي وارثه، فللمتعدي نقض ذلك البيع إذا ثبت التعدي وهو بيع غير جائز انتهى. قال عبد الحق في كتاب الغصب من النكت: وإذا تعدى على سلعة رجل فباعها ثم ورثها عنه فله نقض البيع، وإذا تعدى على سلعة رجل فباعها ثم اشتراها من ربها ليس له نقض البيع. والفرق بين ذلك على مذهب ابن القاسم فيهما أنه إذا ورثها فلم يجرها إلى نفسه وإنما جرها الميراث، وإذا اشتراها فهو الذي اجترها فكأنه أراد أن يحلل صنيعه انتهى. ونقل الشيخ أبو الحسن في شرح مسألة كتاب الغرر عن ابن يونس نحو كلام عبد الحق، ونص كلام ابن يونس: ولو اشتراها من ربها لم يكن له نقض بيعه بخلاف أن لو ورثها لأن الميراث لم يجره إلى نفسه والشراء من سببه فليس له أن يفعل فعلا يتسبب به إلى نقض عقده انتهى. وقال ابن عبد السلام: الحال في الغاصب والمتعدي واحدة باعتبار هذه المسألة.
فرع: وإذا قلنا له نقض ما باعه إذا ورثه فإذا مات موروثه وسكت بعد موته ولم ينقض البيع لم يكن له نقضه بعد ذلك. وانظر هل يبطل حقه ولو سكت بعد الموت شيئا يسيرا؟ لم أر في ذلك نصا، ولا شك أنه إن سكت عاما بطل حقه على ما سيأتي في بيع الفضولي،