ويمنع ويكره، فإذا قام أرسل إلى السوق من يقضي له الحاجة صبيا صغيرا كان أو كبيرا أو عبدا أو جارية أو غيرهم ممن لا علم له بالأحكام الشرعية، وفي السوق ما قد علم من جهل أكثر البياعين بالأحكام الشرعية ومن الأشياء التي لا يجوز شراؤها انتهى.
والبيع لغة مصدر باع الشئ إذا أخرجه عن ملكه بعوض أو أدخله فيه، فهو من الأضداد يطلق على البيع والشراء، قال الله تعالى: * (وشروه بثمن بخس) * أي باعوه. وقال: * (ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله) * وفي الحديث: لا يبع على بيع أخيه أي لا يشتر على شرائه. وقال ابن الأنباري في كتاب الأضداد: قال جماعة من المفسرين في قوله تعالى: * (أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى) [البقرة: 16] * معناه باعوا الضلالة بالهدى. وذكر الزناتي في شرح الرسالة أن لغة قريش استعمال باع إذا أخرج، واشترى إذا أدخل. قال: وهي أفصح وعلى ذلك اصطلح العلماء تقريبا للفهم. وأما شرى فيستعمل بمعنى باع، ففرق بين شرى واشترى. والشراء يمد ويقصر قاله في الصحاح. والبيعان والمتبايعان البائع والمشتري يقال لكل واحد منهما بيع وبائع ومشتر كما صرح بذلك القرطبي في شكر مسلم في بيع الخيار ونصه: البيعان تثنية بيع وهو يقال على البائع والمشتري كما يقال كل واحد منهما على الآخر انتهى. وعرف بعضهم البيع لغة بأنه إعطاء شئ في مقابلة شئ أو مقابلة شئ بشئ، ويقال باع الشئ بيوعه بوعا إذا قاسه بالباع وهو قدر مد اليدين. قاله في الصحاح. وهذا واوي العين والبيع يائي العين. وأبعت الشئ عرضته للبيع واستبعته الشئ أي سألته أن يبيعه مني، ويقال بايعته من البيع ومن البيعة.
هذا معناه لغة.
وأما في الشرع فقال ابن عبد السلام: معرفة حقيقته ضرورية حتى للصبيان. قال ابن عرفة ونحوه للباجي:
قلت: ومال المصنف في التوضيح إلى ما قاله ابن عبد السلام والباجي فقال: الأقرب ما قاله ابن عبد السلام إن حقيقة البيع معروفة لكل أحد فلا تحتاج إلى حد ولهذا والله أعلم لم يعرفه في هذا المختصر. ورد ابن عرفة على ابن عبد السلام والباجي فقال: قلت: المعلوم ضرورة وجوده عند وقوعه لكثرة تكرره ولا يلزم منه علم حقيقته حسبما تقدم في باب الحج انتهى.
قلت: ونقل ابن عبد السلام عن بعضهم أنه عرفه بأنه دفع عوض في معوض قال:
ويدخل تحته الصحيح والفاسد ورأي بعضهم أن الحقائق الشرعية إنما ينبغي تعريف الصحيح منها لأن المقصود بالذات، ومعرفته تستلزم معرفة الفاسد أو أكثره فقال: نقل الملك بعوض ويعتقد قائل هذا أن البيع الفاسد لا ينقل الملك وإنما ينقل شبهة الملك انتهى.