على الحقيقة المتصرف التصرف الحقيقي المطلق في جميع الوجوه هو الله سبحانه وتعالى.
وأما تصرف العباد وأفعالهم فإنما أجرى الله سبحانه العادة بأنه إذا وجد منها شئ خلق ذلك التأثير عند وجود ذلك الفعل والله أعلم.
وحكم البيع من حيث هو الجواز. قال ابن عبد السلام: وكما أن حقيقته معلومة لكل الناس فحكمه من الإباحة معلوم من الدين بالضرورة، فالاستدلال المذكور على ذلك في الكتب والمجالس إنما هو على طريق التبرك بذكر الآيات والأحاديث مع تمرين الطلبة على الاستدلال. ودليله من الكتاب قوله تعالى: * (وأحل الله البيع وحرم الربا) * وقوله: * (يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم) * وقال سبحانه: * (تبايعتم) * ومن السنح أحاديث كثيرة من بيعه (ص) وشرائه وإذنه في البيع ووقوعه بحضرته، وسنذكر إن شاء الله أحاديث في مواضعها من هذا الكتاب، من ذلك ما رواه البخاري أنه عليه الصلاة والسلام قال: لأن يأخذ أحدكم حبله فيأتي بحزمة حطب على ظهره فيبيعها فيكف بها وجهه خير له من أن يسأل الناس أعطوه أم منعوه ومن ذلك ما رواه مسلم أنه عليه الصلاة والسلام قال: الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح سواء بسواء مثلا بمثل يدا بيد، فمن زاد أو استزاد فقد أربى، فإذا اختلف هذه الأجناس فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد وهذا موضع الدليل. وقوله عليه الصلاة والسلام: أفضل الكسب بيع مبرور وعمل الرجل بيده رواه الإمام أحمد والطبراني وغيرهما.
والبيع المبرور الذي بر فيه صاحبه فلم يعص الله فيه ولا به ولا معه. قاله الشيخ أحمد زروق في شرح الارشاد وعزا الحديث المذكور للترمذي قال: وصححه الحاكم. والاجماع على جوازه من حيث الجملة. وقد يعرض له الوجوب كمن اضطر إلى شراء طعام أو شراب أو غير ذلك، والندب كمن أقسم على إنسان أن يبيع سلعة لا ضرورة عليه في بيعها فيندب إلى إجابته لأن إبرار المقسم فيما ليس فيه ضرورة مندوب إليه كما تقدم في باب الايمان.
وتعرض له الكراهة كبيع الهر والسباع لا لاخذ جلودها، والتحريم كالبيوع المنهي عنها.
وحكمة مشروعيته الرفق بالعباد والتعاون على حصول المعاش ولهذا يمنع من احتكار