مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٦ - الصفحة ٣١٢
أنه اختلف إذا فسد البيع باشتراط النقد في أيام الخيار فهلكت السلعة ممن ضمانها، فقيل من البائع فيكون الحكم في قيمة اللبس مثل ما قدمنا، وقيل من المبتاع يوم قبضها كسائر البيوع الفاسدة فيكون على هذا لا شئ عليه في اللبس كسائر الغلات. ابن يونس: ولم أر إذا فسد البيع باشتراط النقد خلافا أن المصيبة من البائع، وإنما اختلف إذا فسد البيع باشتراط الخيار الطويل الذي لا يجوز في تلك السلعة فقال سحنون عن ابن القاسم: إن الضمان من البائع.
وقال عنه ابنه: إن الضمان من المشتري من يوم القبض لأن الخيار وقع فاسدا، وهذا بخلاف إذا صح الخيار وفسد البيع لاشتراط النقد فيه أن الضمان ها هنا من البائع لأن الخيار ها هنا صحيح. ابن يونس: فعلى هذا تكون قيمة لبس الثوب على المشتري بلا خلاف فانظره اه‍.
فليس في كلامه رحمه الله تدافع لأنه حكى عن بعض الأصحاب الخلاف في ضمان المبيع إذا فسد البيع باشتراط النقد، وأن البعض المذكور خرج عن ذلك الخلاف في أجرة لبس الثوب ثم رد عليه حكاية الخلاف في مسألة اشتراط النقد وأنه لا خلاف فيها أن الضمان من البائع، ثم فرع على ذلك أنه إذا لم يكن في ذلك خلاف فلا، وأيضا في مسألة الثوب وهو كلام حسن فتأمله. وتحصل من كلامه أن بيع الخيار إذا فسد فإن كان فساده من جهة الخيار لاشتراط المدة البعيدة فاختلف في الضمان، وإن كان فساده ليس من جهة الخيار فلا خلاف أن الضمان من البائع، وإذا علم ذلك علم حكم الضمان في هذه المسائل التي ذكرها المصنف أنها فاسدة. وقد تقدم الكلام في حكم الضمان في المدة الزائدة وأن الراجح أن الضمان من البائع، والظاهر أن المدة المجهولة كالمدة الزائدة لأن الفساد من جهة الخيار. وأما مسألة الغيبة على ما لا يعرف بعينه ومسألة الثوب ومسألة اشتراط النقد، فالضمان من البائع ولو قبض المشتري السلعة حتى تمضي أيام الخيار والله أعلم. وقد ظهر وجه لزوم الأجرة للمشتري لأن الضمان من البائع والغلة له، وتقدم في كلام ابن رشد أن البيع الفاسد إنما يدخل في ضمان المشتري بالقبض إذا لم يكن بيع خيار، وبعض الأصحاب الذي أشار إليه ابن يونس هو عبد الحق في التهذيب فإنه ذكر نحو ما قال ابن يونس والله أعلم.
الرابع: لا خصوصية للثوب بما ذكر بل حكم الدار والعجد والدابة. كذلك قال أبو إسحاق لما تكلم على مسألة الدار والعبد، ولا يجوز اشتراط الانتفاع بذلك إذا كان له ثمن وفيه له انتفاع ولا ينتقل إلى الدار بمعنى أنه يسكنها ويصرف عن نفسه مؤنة كراء دار كان يسكنها، وإنما يمضي وحده فيقيم فيها ليلا يختبر أمر الجيران من غير انتفاع بذلك ولا نقل فرش إليها، وكل أمد من هذا يكون له ثمن وله فيها انتفاع فلا يصح شرطه ولا أن يفعل بغير شرط وما لا قدر له فجائز أن يشترط، فإن لم يشترط لم يلزم البائع بدفع المبيع إلى البائع ليختبره إلا بشرط اه‍. وقد تقدم في كلام ابن غازي عن ابن محرز أنه يفسد البيع بشرط سكنى الدار من غير كراء، وتقدم أيضا عن اللخمي أنه قال: أما الدار فتسقط الأجرة عن
(٣١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 307 308 309 310 311 312 313 314 315 316 317 ... » »»
الفهرست