الممنوع منها من غير الممنوع على سبيل التفصيل، ولذا أتى بالفاء في قوله: فمن باع لأجل. والمعنى أن من باع شيئا يعرف بعينه من ذوات القيم لأجل ثم اشتراه بائعه من مشتريه، وسواء غاب عليه مشتريه أم لم يغب فأما أن يكون اشتراه بجنس ثمنه أو بغير جنسه، فإن كان بغي جنسه فسيأتي ويريد وبنوعه وصفته، فإن اختلف شئ من ذلك فسيأتي حكمه.
وقوله: من عين وطعام وعرض بيان للثمن المبيع به والمشترى به. والقصد أن هذه المسائل التي يذكرها هي فيما إذا كان الثمن الثاني موافقا للأول من كل وجه كما إذا باعه بدراهم واشتراه بدراهم من نوعها وسكتها، أو باعه بذهب واشتراه بذهب من نوعه وسكته، أو باعه بطعام واشتراه بطعام من صنفه وصفته، أو باعه بعرض واشتراه بعرض بصفته. فإذا علم ذلك، فأما أن يكون اشتراه بائعه الأول نقدا، أو اشتراه للأجل نفسه، أو اشتراه لأجل أقل من الاجل الأول، أو اشتراه لأجل أكثر من الاجل الأول. فهذه أربع صور وفي كل صورة إما أن يشتريه بمثل الثمن الأول. أو يشتريه بثمن أقل من الثمن الأول، أو يشتريه بثمن أكثر من الثمن الأول، فهذه ثلاث صور في كل صورة من الصور الأربع، فاضرب ثلاثا في أربع يحصل من ذلك اثنا عشر صورة، يمنع منها ثلاث ويجوز تسع. والجائزة ما لم يعجل فيه الأقل وهي ما إذا اشتراه بمثل الثمن أو أكثر نقدا أو إلى أجل دون الاجل هذه أربع، واشتراه إلى الاجل نفسه سواء كان بمثل الثمن أو أقل أو أكثر ما لم يشترط عدم المقاصة كما سيأتي، أو اشتراه لأبعد من الاجل بمثل الثمن أو أقل. والممنوعة هل ما تعجل فيه الأقل وهي إذا اشتراه بأقل نقدا أو إلى أجل دون الاجل وبأكثر لأبعد، يريد ما لم يشترط المقاصة كما سيأتي. والمعجل للأقل في الأوليين البائع الأول وفي الثانية هو البائع الثاني، ولذا قال المصنف: عجل بالبناء للمفعول. والتهمة في ذلك الخوف من سلف بمنفعة. قال في الجواهر: وأصل هذا الباب اعتبار ما خرج من اليد وما عاد إليها، فإن جاز التعامل عليه مضى وإلا بطل. فإن كان المبيع ثوبا مثلا أو غيره فاجعله ملغى كأنه لم يقع فيه عقد ولا وقع فيه ملك، واعتبر ما خرج من اليد خروجا مستقرا انتقل الملك به وما عاد إليها، وقابل أحدهما بالآخر، فإن وجدت في ذلك وجها محرما لو أقر بأنهما عقدا عليه لفسخت عقدهما فامنع من هذا البيع لما تقدم من وجوب حماية الذرائع، وإن لم تجد أخرت البياعات ثم تتهم مع إظهار القصد إلى المباح وتمنع، وإن ظاهر القصد إليه حماية أن يتوصلا أو غيرهما إلى الحرام ويريد ما لم تبعد التهمة جدا فلا يلتفت إليها كما تقدم. وكذا أجاز أن يشتري سلعة بأكثر من الثمن الأول نقدا أو إلى أجل دون الاجل أو بأقل لا أبعد مع أنه لا يجوز أن يسلف لشخص اثني عشر ليأخذ عنها عشرة، لأن أمرها صار إلى السلف لكن لما كان القصد إلى هذا أعني دفع الكثير ليأخذ عنها قليلا بعيدا لم يتهما على ذلك وحمل أمرهما على ما ظهر من صورة البيع الجائز.