إعانة الطالبين - البكري الدمياطي - ج ٢ - الصفحة ٣٧٦
ومعنى كونها سنة كفاية مع كونها تسن لكل منهم سقوط الطلب بفعل الغير، لا حصول الثواب لمن لم يفعل. وفي تصريحهم بندبها لكل واحد من أهل البيت ما يمنع أن المراد بهم المحاجير. اه‍. (قوله: لحر) أي كله أو بعضه، وملك مالا ببعضه الحر. (وقوله: قادر) أي مستطيع. والمراد به: من يقدر عليها فاضلة عن حاجته وحاجة ممنونه يوم العيد وأيام التشريق، لان ذلك وقتها، كزكاة الفطر، فإنهم اشترطوا فيها أن تكون فاضلة عن حاجته وحاجة ممونه يوم العيد وليلته، لان ذلك وقتها. هكذا قاله الخطيب. والذي يفهم من كلام التحفة تخصيص ذلك بيوم العيد وليلته فقط، وعبارتها بعد كلام قادر، بأن فضل عن حاجة ممونه ما مر في صدقة التطوع ولو مسافرا، وبدويا، وحاجا بمنى، وإن أهدى. اه‍.
وقوله: ما مر في صدقة التطوع هو يوم وليلة فقط، فإن فضل عن حاجته وحاجة ممونه يوما وليلة سن له صدقة التطوع، والاحرام.
وذكر المؤلف لمن تسن له التضحية شرطين فقط: الحرية، والقدرة. وبقي عليه ثلاثة، وهي: الاسلام، والتكليف، والرشد. فلا يخاطب بها غير المسلم، أو غير المكلف، أو غير الرشيد. قال في التحفة، نعم، للولي الأب، أو الجد لا غير، التضحية عن موليه من مال نفسه. اه‍.
(قوله: تضحية) نائب فاعل يسن، وعبر بالتضحية التي هي فعل الفاعل، ولم يعبر كغيره بالأضحية التي هي اسم لما يتقرب به من النعم، لان الاحكام إنما تتعلق بالافعال لا بالأعيان. قوله: بذبح إلخ) متعلق بتضحية، والباء للتصوير، إذ التضحية اسم للفعل كما علمت وهو الذبح. (وقوله: جذع ضأن) أي جذع من الضأن، وذلك لخبر أحمد: ضحوا بالجذع من الضأن، فإنه جائز وكلامه صادق بالذكر والأنثى والخنثى فيجزئ كل منها لكن الأفضل الذكر. وقوله: له سنة أي تم لذلك الجذع سنة، فهي تحديدية. (قوله: أو سقط سنه) أي أو لم يتم له سنة، لكن سقط سنه. والمراد مقدم أسنانه. فسنه: مفرد مضاف، فيعم أي فيجزئ ذلك، لكن بشرط أن يكون إجزاعه بعد ستة أشهر، ويكون هذا بمنزلة البلوغ بالاحتلام، والذي قبله بمنزلة البلوغ بالسن. (قوله: أو ثني معز) بالجر، عطف على جذع، أي أو ذبح ثني معز أو بقر. وقوله: لهما سنتان بيان لمعنى الثني منهما أي أن الثني هو ما كان له سنتان. أي وطعن في الثالثة.
والأصل في ذلك خبر مسلم: لا تذبحوا إلا مسنة، إلا أن يعسر عليكم فاذبحوا جذعة من الضأن. والمسنة: هي الثنية من المعز والإبل والبقر فما فوقها. وقضيته أن جذعة الضأن لا تجزئ إلا إذا عجز عن المسنة، والجمهور على خلافه، وحملوا الخبر على الندب. والمعنى: يندب لكم أن لا تذبحوا إلا مسنة فإن عجزتم فاذبحوا جذعة من الضأن. ( قوله: أو إبل) معطوف على معز، أي أو ثني إبل. وقوله: له خمس سنين بيان لمعنى الثني من الإبل. (قوله:
بنية أضحية إلخ) متعلق بتضحية، أي يسن تضحية بنية أضحية، أي يشترط فيها النية عند الذبح أو قبله عند التعيين لما يضحي به.
ومعلوم أنها بالقلب، وتسن باللسان، فيقول: نويت الأضحية المسنونة، أو أداء سنة التضحية. فإن اقتصر على نحو الأضحية صارت واجبة يحرم الاكل منها. وحينئذ فما يقع في ألسنة العوام كثيرا من شرائهم ما يريدون التضحية به.
من أوائل السنة، وكل من سألهم عنها يقولون له هذه أضحية من جهلهم بما يترتب على ذلك من الاحكام يصير به أضحية واجبة يمتنع عليه أكله منها.
نعم، المعينة ابتداء بنذر لا تجب لها نية أصلا، اكتفاء بالنذر عن النية، لخروجها عن ملكه. والمعينة عن نذر في ذمته، أو بالجعل، تحتاج لنية عند الذبح، وتجوز مقارنتها للجعل.
وفرق بين المنذورة والمجعولة: بأن الجعل فيه خلاف في لزومه، فاحتاج لنية. ويجوز أن يوكل مسلما مميزا في
(٣٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 371 372 373 374 375 376 377 378 379 380 381 ... » »»
الفهرست