أن لا تغرب شمس يوم عرفة وقد بقي عليه شئ منها. نعم، قد تحصل الفورية لعارض تضيق كأن أحرم ليلة السابع وفورية السبعة أقوى إشكالا، إذ لا يجب صومها أول دخول بلده. ويمكن تأويل فورية الثلاثة بعدم تأخيرها عن غروب يوم عرفة.
ثم محل وجوبه أي الصوم إن قدر عليه، وإلا فلا، كهم - بكسر الهاء، وتشديد الميم عاجز يأتي فيه ما في رمضان من وجوب المد عن كل يوم، فإن عجز عنه بقي الواجب عليه، فإن قدر على أي واحد منهما فعله. اه. بحذف.
(قوله: بعد إحرام) أي بالحج. فلا يجوز تقديمه على الاحرام، بخلاف الدم.
والفرق: أن الصوم عبادة بدنية، فلا يجوز تقديمها على وقتها كالصلاة، والدم عبادة مالية، فأشبه الزكاة.
ويستحب أن يحرم ليلة الخامس ليصومه وتالييه، أو ليلة السادس ليصومه وتالييه، والأول أفضل، ليكون يوم التروية مفطرا، وهذا مفروض في القرآن والتمتع وإخلاف النذر والفوات، لأنه يمكنه إيقاع الثلاثة في الحج كما يعلم من عبارة عبد الرؤوف المارة آنفا أما ترك المبيتين، والرمي، وطواف الوداع، والميقات في العمرة، فيصوم الثلاثة بعد وجوب الدم حيث شاء، ولو في طريقه، لكن لا يجوز صيامها في ترك طواف الوداع إلا بعد مرحلتين أو بلوغه مسكنه ثم يفطر بقدر مسافة وطنه وأربعة أيام العيد والتشريق، ثم يصوم السبعة في وطنه. والمكي يفرق بأربعة أيام، إذ لا يحتاج إلى مسافة. ولذلك قال بعضهم:
والصوم في الحج ببعض الصور * ممتنع كالصوم للمعتمر وصوم تارك المبيتين معا * والرمي أو صوم الذي ما ودعا (قوله: وقبل يوم نحر) معطوف على بعد إحرام. (قوله: ولو مسافرا) غاية لوجوب صوم الثلاثة بعد الاحرام وقبل يوم النحر، أي يجب الصوم عليه ولو كان مسافرا فليس السفر عذرا في صومها، للنص عليه فيه بقوله ثلاثة أيام في الحج، فلا يرد أن رمضان أعظم حرمة، مع أن السفر عذر فيه. (قوله: فلا يجوز تأخير إلخ) مفرع على مفهوم التقييد بقوله وقبل يوم نحر، وما بعده مفرع على مفهوم التقييد ببعد إحرام، فهو على اللف والنشر المشوش. (وقوله: شئ منها) أي من الثلاثة. (وقوله: عنه) أي يوم النحر. (قوله: لأنها تصير قضاء) علة لعدم جواز التأخير، أي لا يجوز تأخيرها، لكونها لو أخرت عنه صارت قضاء. وتأخير الشئ عن وقته حتى يصير قضاء حرام، كالصلاة. (قوله: ولا تقديمه) أي ولا يجوز تقديم الصوم على الاحرام بالحج. والفرق بينه وبين الدم حيث يجوز إخراجه قبل الاحرام بالحج إن الصوم عبادة بدنية فلا يجوز تقديمها على وقتها كالصلاة والدم عبادة مالية فأشبه الزكاة وهي يجوز تقديمها على وقتها كما مر. (قوله: للآية) دليل لوجوب صوم الثلاثة بعد الاحرام وقبل النحر. فهو مرتبط بالمتن، وهي ما سيذكرها بقوله: قال تعالى: * (فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام) * (1) الآية. وكان الأولى أن يصرح بها هنا، ويحيل فيما سيأتي عليه. (قوله:
ويلزمه) أي العاجز عن الذبح. (وقوله: أيضا) أي كما لزمه صوم الثلاثة. (وقوله: صوم سبعة بوطنه) أي أو ما يريد توطنه ولو مكة إن لم يكن له وطن أو أعرض عن وطنه. قال سم: ولو أراد استيطان محل آخر فهل يصح صومها بمجرد وصوله وإن أعرض عن استيطانه قبل صومها؟ فيه نظر، ولا يبعد الصحة. ثم قال: وفي شرح العباب: فلو لم يتوطن محلا لم يلزمه بمحل أقام فيه مدة كما أفتى به القفال. وظاهر كلامهم أنه لا يجوز له أيضا، فيصير إلى أن يتوطن محلا. فإن مات قبل ذلك احتمل أن يطعم أو يصام عنه، لأنه كان متمكنا من التوطن والصوم، واحتمل أن لا يلزم ذلك، وإن خلف