إعانة الطالبين - البكري الدمياطي - ج ٢ - الصفحة ٣٨١
للصواب: في فتاوي العلامة الشيخ محمد بن سليمان الكردي محشي شرح ابن حجر على المختصر ما نصه: (سئل) رحمه الله تعالى: جرت عادة أهل بلد جاوى على توكيل من يشتري لهم النعم في مكة للعقيقة أو الأضحية ويذبحه في مكة، والحال أن من يعق أو يضحي عنه في بلد جاوى فهل يصح ذلك أو لا؟ أفتونا. (الجواب) نعم، يصح ذلك، ويجوز التوكيل في شراء الأضحية والعقيقة وفي ذبحها، ولو ببلد غير بلد المضحي والعاق كما أطلقوه فقد صرح أئمتنا بجواز توكيل من تحل ذبيحته في ذبح الأضحية، وصرحوا بجواز التوكيل أو الوصية في شراء النعم وذبحها، وأنه يستحب حضور المضحي أضحيته. ولا يجب. وألحقوا العقيقة في الاحكام بالأضحية، إلا ما استثني، وليس هذا مما استثنوه، فيكون حكمه حكم الأضحية في ذلك. وبينوا تفاريع هذه المسألة في كل من باب الوكالة والإجارة فراجعه.
وقد كان عليه الصلاة والسلام يبعث الهدي من المدينة يذبح له بمكة، ففي الصحيحين: قالت عائشة رضي الله عنها:
أنا قتلت قلائد هدي رسول الله (ص) بيدي، ثم قلدها النبي (ص) بيده، ثم بعث بها مع أبي بكر رضي الله عنه. وبالجملة فكلام أئمتنا يفيد صحة ما ذكر، تصريحا وتلويحا، متونا وشروحا. والله أعلم. اه‍. ما في فتاوي العلامة الكردي المذكور. ومنه يتضح المقصود والمراد، والله سبحانه وتعالى أعلم. اه‍.
(قوله: ويندب إلخ) شروع في بيان الأحكام المتعلقة بالعقيقة. وقد أفردها كالأضحية الفقهاء بترجمة مستقلة، وعادتهم ذكرهم لها في كتاب الصيد والذبائح، لكن حيث ذكر الأضحية هنا لارتباطها بالنسك ناسب ذكر العقيقة معها، لمشاركتها لها في كثير من الاحكام.
وهي لغة الشعر الذي على رأس المولود حين ولادته. وشرعا ما يذبح عن المولود عند حلق شعره وأفضلها شاتان للذكر، وشاة للأنثى، لخبر الترمذي: عن عائشة رضي الله عنها، قالت: أمرنا رسول الله (ص) أن نعق عن الغلام بشاتين متكافئتين، وعن الجارية بشاة.
وقد جاء فيها أخبار كثيرة، منها خبر: الغلام مرتهن بعقيقته، تذبح عنه يوم السابع، ويحلق رأسه ويسمى رواه الترمذي. والحكمة فيها إظهار البشر، والنعمة، ونشر النسب. ومعنى مرتهن بها. قيل: لا ينمو نمو مثله حتى يعق عنه.
قال الخطابي: وأجود ما قيل فيها ما ذهب إليه الإمام أحمد بن حنبل: أنه إذا لم يعق عنه لم يشفع لوالديه يوم القيامة أي لم يؤذن له فيها. وإنما لم تجب، لخبر أبي دواد: من أحب أن ينسك عن ولده فليفعل ولأنها إراقة بغير جناية ولا نذر، فلم تجب كالأضحية. (قوله: لمن تلزمه نفقة فرعه) متعلق بيندب، يعني أن المخاطب بالعقيقة هو الأصل الذي تلزمه نفقة فرعه بتقدير فقر ذلك الفرع، وإن لم يكن فقيرا بالفعل، بأن كان له مال ولا يقعلها الولي من مال الفرع لأنها تبرع وهو ممتنع من ماله، وإنما يفعلها من مال نفسه. فلو فعلها من مال فرعه ضمن - كما نقله في المجموع عن الأصحاب وشمل قوله من تلزمه نفقة فرعه: أم ولد الزنا، فيندب لها أن تعق عنه، لكن تخفيها خوف الهتيكة. قال في التحفة:
والولد القن ينبغي لاصله الحر العق عنه، وإن لم تلزمه نفقته لأنه أمر عارض دون السيد، لأنها خاصة بالأصول. اه‍.
وقال م ر: المتجه أن لا يعق عنه أصلا لا من أصله الحر، ولا من سيده.
وفيه ألغز السيوطي فقال:
أيها السالك في الفقه * على خير طريقه هل لنا نجل غني * ليس فيه من عقيقه؟
وخرج بمن تلزمه النفقة من لا تلزمه، بأن كان معسرا. ويعتبر إعساره بمدة النفاس، فإن كان معسرا فيها سقط الطلب عنه. ولو أيسر بعد مضي مدة النفاس، فإن كان معسرا فيها وأيسر قبل مضي مدة النفاس - سواء كان قبل السابع أو بعده - لم يسقط الطلب عنه، وتندب منه إلى البلوغ. فلو بلغ ولم يخرجها الولي، سن للصبي أن يعق عن نفسه، ويسقط
(٣٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 376 377 378 379 380 381 382 383 384 385 386 ... » »»
الفهرست