إعانة الطالبين - البكري الدمياطي - ج ٢ - الصفحة ٣٨٠
كفت نية الموكل، ولا حاجة لنية الوكيل، بل لو لم يعلم أنه مضح لم يضر. (قوله: وكره لمريدها) أي التضحية. ومثلها إهداء شئ من النعم إلى الحرم. وخرج بمريدها غيره، ولو من أهل البيت، وإن وقعت عنهم، فلا يكره في حقهم ذلك.
قال في التحفة: ولا يقوم نذره بلا إرادة لها مقام إرادته لها، لأنه قد يخل بالواجب. اه‍.
والقول بكراهة ما ذكر هو المعتمد، وقيل حرام وعليه الإمام أحمد وغيره ما لم يحتج إليه، وإلا فقد يجب كقطع يد سارق، وختان بالغ وقد يستحب كختان صبي، وكتنظيف لمريد إحرام، أو حضور جمعة على ما بحثه الزركشي. لكن ينافيه إفتاء غير واحد بأن الصائم إذا أراد أن يحرم أو يحضر الجمعة لا يسن له التطيب - رعاية للصوم فكذا هنا، رعاية لشمول المغفرة أولى. وقد يباح، كقطع سن وجعه، وسلعة. أفاده الكردي نقلا عن ابن حجر. (وقوله:
نحو شعر) أي من ظفر وسائر أجزاء بدنه، ألا الدم على نزاع فيه.
(قوله: في عشر ذي الحجة إلخ) متعلق بإزالة. (قوله: حتى يضحي) غاية في الكراهة. أي وتستمر الكراهة إلى أن يضحي، وذلك للامر بالامساك عن ذلك إلى التضحية في خبر مسلم. وحكمته شمول المغفرة والعتق من النار لجميعه، لا الشبه بالمحرمين، وإلا لكره، نحو الطيب.
(تتمة) يسن في الأضحية استسمانها، لقوله تعالى: * (ومن يعظم شعائر الله) * الآية. قال العلماء: هو استسمان الهدايا واستحسانها، وأن لا تكون مكسورة القرن، ولا فاقدته، وأن لا تذبح إلا بعد صلاة العيد، وأن يكون الذابح مسلما لأنه يتوقى ما لا يتوقاه غيره، وأن يكون الذبح نهارا، وأن يطلب لها موضعا لينا، وأن يوجه ذبيحته للقبلة، وأن يتوجه هو إليها، وأن يسمي الله تعالى، ويصلي ويسلم عن سيدنا رسول الله (ص)، ويقول: اللهم هذا منك وإليك، فتقبل مني. (تنبيه) جزم في النهاية بحرمة نقل الأضحية، وعبارتها: ويمتنع نقلها عن بلد الأضحية كالزكاة. اه‍. كتب ع ش:
قوله ويمتنع نقلها أي الأضحية مطلقا سواء المندوبة والواجبة. والمراد من المندوبة: حرمة نقل ما يجب التصدق به منها. وقضية قوله كالزكاة أنه يحرم النقل من داخل السور إلى خارجه، وعكسه. اه‍.
وذكر في الأسنى خلافا في جواز النقل، وعبارته مع الأصل: ونقلها عن بلد أي بلد الأضحية إلى آخر كنقل الزكاة. قال في المهمات: وهذا يشعر يترجيح منع نقلها، لكن الصحيح الجواز، فقد صححوا في قسم الصدقات جواز نقل المنذورة، والأضحية فرد من أفرادها. وضعفه ابن العماد، وفرق بأن الأضحية تمتد إليها أطماع الفقراء، لأنها مؤقتة بوقت كالزكاة، بخلاف المنذورة والكفارات، لا شعور للفقراء بها حتى تمتد أطماعهم إليها. اه‍.
ثم إنه علم مما تقرر أن الممنوع نقله هو ما عين للأضحية بنذر أو جعل، أو القدر الذي يجب التصدق به من اللحم في الأضحية المندوبة. وأما نقل دراهم من بلد إلى بلد أخرى ليشتري بها أضحية فيها فهو جائز.
وقد وقفت على سؤال وجواب يؤيد ما ذكرناه لمفتي السادة الشافعية، بمكة المحمية، فريد العصر والاوان، مولانا السيد أحمد بن زيني دحلان.
(وصورة السؤال) ما قولكم دام فضلكم هل يجوز نقل الأضحية من بلد إلى بلد آخر أم لا؟ وإذا قلتم بالجواز، فهل هو متفق عليه عند ابن حجر والرملي أم لا؟ وهل من نقل الأضحية إرسال دراهم من بلد إلى بلد آخر ليشتري بها أضحية وتذبح في البلد الآخر أم لا؟. وهل العقيقة كالأضحية أم لا؟ بينوا لنا ذلك بالنص والنقل، فإن المسألة واقع فيها اختلاف كثير، ولكم الأجر والثواب.
(وصورة الجواب) الحمد لله وحده، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. اللهم هداية
(٣٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 375 376 377 378 379 380 381 382 383 384 385 ... » »»
الفهرست