إعانة الطالبين - البكري الدمياطي - ج ٢ - الصفحة ٣٣٨
(قوله: باستلام الحجر الأسود إلخ) اختصر المؤلف ما يندب للطائف عند ابتداء الطواف، وحاصله أنه يندب له قبل البدء بالطواف إذا كان المطاف خاليا أن يستقبل الحجر الأسود، ويستلمه بيده، ثم يقبله بفمه، ثم يضع جبهته عليه، ويراعي ما ذكر في كل مرة ويكرره ثلاثا.
هذا كله عند القدرة، فإن عجز عن التقبيل استلم بيده اليمنى، فإن عجز عنه فباليسرى، فإن عجز عن استلامه استلمه بنحو عود ثم قبل ما استلم به، فإن عجز عن استلامه أشار إليه بيده أو بشئ فيها ثم قبل ما أشار به. ولا يشير بالفم إلى التقبيل، ولا يزاحم للتقبيل، بل تحرم المزاحمة له وللاستلام إن آذى غيره أو تأذى به، لقوله (ص): يا عمر، إنك رجل قوي، لا تزاحم على الحجر فتؤذي الضعيف. إن وجدت خلوة، وإلا فهلل وكبر. رواه الشافعي وأحمد - رضي الله عنهما - وأما نصه في الام على طلب الاستلام أول الطواف وآخره ولو بالزحام، فمحمول على زحام ليس معه ضرر بوجه.
(قوله: وأن يقبله) المصدر المؤول معطوف على استلام. (قوله: ويستلم الركن اليماني) أي عند القدرة، وإلا أشار إليه بيده، أو بشئ فيها.
(فائدة) مما ورد في فضل الركن اليماني قوله (ص): ما مررت بالركن اليماني إلا وعنده ملك ينادي: آمين. آمين.
فإذا مررتم فقولوا: اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة. وقوله (ص): وكل بالركن اليماني سبعون ملكا.
من قال: اللهم إني أسألك العفو والعافية في الدين والدنيا والآخرة ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة قالوا:
آمين.
قال العز بن جماعة: ولا تعارض بين الحديثين على تقدير الصحة إذ يحتمل أن السبعين موكلون به لم يكلفوا التأمين وإنما يؤمنون عند سماع الدعاء، والملك كلف قول آمين.
وقوله (ص): إن عند الركن اليماني بابا من أبواب الجنة، والركن الأسود من أبواب الجنة، وما من أحد يدعو عند الركن الأسود إلا استجاب الله له. وقوله (ص): ما بين الركن اليماني والحجر الأسود روضة من رياض الجنة.
وعن عطاء: قال: قيل: يا رسول الله تكثر من استلام الركن اليماني قال: ما أتيت عليه قط إلا وجبريل قائم عنده يستغفر لمن يستلمه. وعن مجاهد أنه قال: ما من إنسان يضع يده على الركن اليماني ويدعو إلا استجيب له، وأن بين الركن اليماني والركن الأسود سبعين ألف ملك لا يفارقونه، هم هنالك منذ خلق الله البيت.
(قوله: ويقبل يده) أي أو ما أشار به للركن عند عدم استلامه كما في التحفة والنهاية والمغني وجزم حجر في شرح بأفضل ومختصر الايضاح وحاشيته أنه لا يقبل ما أشار به للركن اليماني فارقا بين الحجر وبين الركن اليماني بأن الحجر أشرف، فاختص بذلك.
واعلم أنه لا يسن تقبيل الركنين الشاميين ولا استلامهما. قال م ر: والسبب في اختلاف الأركان في هذه الأحكام : أن ركن الحجر فيه فضيلتان كون الحجر فيه، وكونه على قواعد أبينا إبراهيم. واليماني فيه فضيلة واحدة، وهو كونه على قواعد أبينا إبراهيم. وأما الشاميان فليس لهما شئ من الفضيلتين. اه‍.
(قوله: وأن يرمل) أي وسن الرمل، وسببه: أن النبي (ص) دخل مكة بأصحابه معتمرين سنة سبع قبل الفتح بسنة وقد وهنتهم الحمى، فقال المشركون: هؤلاء قد وهنتهم حمى يثرب، فلم يبق لهم طاقة بقتالنا، فأطلع الله نبيه على ما قالوا، فأمرهم النبي (ص) أن يرملوا ليرى المشركون جلدهم وبقاء قوتهم، ففعلوا، فلما رآهم المشركون قالوا:
هؤلاء الذين زعمتم أن الحمى قد وهنتهم؟ إنهم لأجلد من كذا وكذا. وإنما شرع مع زوال سببه ليتذكر به فاعله نعمة
(٣٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 333 334 335 336 337 338 339 340 341 342 343 ... » »»
الفهرست