طواف الركن، ولم يمكنها التخلف لنحو فقد نفقة أو خوف على نفسها، رحلت إن شاءت، ثم إذا وصلت لمحل يتعذر عليها الرجوع منه إلى مكة تتحلل كالمحصر ويبقى الطواف في ذمتها. والأحوط لها أن تقلد من يرى براءة ذمتها بطوافها قبل رحيلها. اه. بتصرف.
(قوله: فلو زالا) أي الطهر والستر. (وقوله: فيه) أي في الطواف. (قوله: جدد) أي الطائف، الطهر والستر.
فمفعول الفعل محذوف، والفاعل ضمير مستتر يعود على معلوم من المقام. (قوله: وبنى على طوافه) أي بنى على ما أتى به من الطوفات. ومعنى البناء على الماضي أنه يبنى من الموضع الذي وصل إليه، ولا يجب استئنافه، لكن يسن، خروجا من الخلاف. (قوله: وإن تعمد ذلك) أي زوال الطهر والستر، وهو غاية في الاكتفاء بالبناء. (وقوله: وطال الفصل) أي وإن طال الفصل. فهو غاية ثانية لما ذكر، وذلك لعدم اشتراط الولاء فيه. (قوله: وثالثها) أي الشروط الستة.
(وقوله: نيته) أي قصده بقلبه والتلفظ بها سنة كسائر النيات. (قوله: إن استقل) أي الطواف. (قوله: بأن لم يشمله نسك) تصوير لاستقلاله. أي أن استقلاله مصور بأن لا يشمله نسك، أي لا يندرج تحته كالحج. (قوله: كسائر العبادات) الكاف للتنظير، أن نظير سائر العبادات في وجوب النية فيها. (قوله: وإلا فهي سنة) أي وإن لم يستقل، بأن يشمله نسك، فهي سنة، وذلك لإغناء نية النسك عن نية الطواف.
قال في حاشية الايضاح بعد كلام قرره: إن كان المراد بالنية قصد الفعل فهو شرط في كل طواف. أو تعيين الطواف فليس بشرط في كل طواف فما المحل في وجوب النية فيه؟ أي وفي عدمه. قال: وقد يجاب بأن المختلف فيه هو قصد نفس الفعل، لا مطلق القصد. نظير قولهم يشترط قصد فعل الصلاة، ولا يكفي مطلق قصدها مع الغفلة عن ربطه بالفعل، فطواف النسك يكفي فيه مطلق القصد، وطواف غيره لا بد فيه من قصد الفعل، دون التعيين كنية نفل الصلاة المطلق اه.
وقال الونائي في منسكه في مبحث سنن الطواف ما نصه: منها أي السنن: النية أي نية فعل الحقيقة الشرعية بالمسماة بالطواف وهي الدوران حول البيت، فلا ينافي اشتراط قصد الفعل بأن يلحظ كونه عن الطواف لاشتراط عدم الصارف. اه. قال الشيخ باعشن عليه: والحاصل أن قصد مطلق الفعل وهو قصد الدوران بالبيت لا بد منه في كل طواف. وأما ملاحظة كونه عن الطواف الشرعي فواجب في طواف غير النسك، وسنة في طواف النسك. اه.
وقال بعضهم: المراد من كون النية سنة في طواف النسك نية كونه ركن الحج أو واجبه. أما قصد الفعل فلا بد منه مطلقا، وهو لا يغاير ما مر.
قوله: ورابعها) أي الشروط الستة. (قوله: بدؤه بالحجر الأسود) أي ركنه، وإن قلع منه وحول منه لغيره، وذلك للاتباع، فلا يعتد بما بدأ به قبله، ولو سهوا، فإذا انتهى إليه ابتدأ منه، وكذا لا يعتد بما بدأ به بعدة من جهة الباب.
ووصف الحجر بكونه أسود بحسب الحالة الراهنة، وإلا فليس كذلك بحسب الأصل.
قال السيوطي في التوشيح: أخرج أحمد والترمذي وابن حبان حديث: إن الحجر والمقام ياقوتتان من يواقيت الجنة، طمس الله نورهما، ولولا ذلك لأضاءا ما بين المشرق والمغرب.
وأخرج الترمذي حديث: نزل الحجر الأسود من الجنة وهو أشد بياضا من اللبن، فسودته خطايا بني آدم.
وروي عن وهب بن منبه أن آدم لما أمره الله تعالى بالخروج من الجنة أخذ جوهرة من الجنة التي هي الحجر الأسود مسح بها دموعه، فلما نزل إلى الأرض لم يزل يبكي، ويستغفر الله، ويمسح دموعه بتلك الجوهرة حتى اسودت من دموعه. ثم لما بنى البيت أمره جبريل أن يجعل تلك الجوهرة في الركن، ففعل.