إعانة الطالبين - البكري الدمياطي - ج ٢ - الصفحة ٣٤٣
الحرم والحل، كما في الحج فإنه فيه الجمع بين الحرم والحل بعرفة، فلو لم يخرج إليه، وأتى بالعمرة أجزأته، لكنه يأثم ويلزمه دم، إلا أن خرج إليه بعد إحرامه وقبل الشروع في شئ من أعمالها فلا دم، وكذا لا إثم إن كان وقت الاحرام عازما على هذا الخروج، وإلا أثم فقط. (قوله: وأفضله الجعرانة) أي أفضل بقاع الحل الجعرانة أي لاعتماره (ص) منها بنفسه، ولحكاية الأذرعي عن الجندي في فضائل مكة أنه اعتمر منها ثلاثمائة نبي وهي بكسر الجيم، وسكون العين، وتخفيف الراء على الأفصح -: قرية في طريق الطائف، على ستة فراسخ من مكة، سميت باسم امرأة كانت ساكنة بها. (قوله: فالتنعيم) أي فيليها في الرتبة التنعيم لامره (ص) السيدة عائشة بالاعتمار منها. والتنعيم هو المكان المعروف بمساجد عائشة سمي بذلك لان عن يمينه واديا يقال له ناعم، وعن يساره واديا يقال له نعيم، وهو في واد يقال له نعمان، بينه وبين مكة فرسخ. (قوله: فالحديبية) أي فيلي التنعيم الحديبية، لأنه (ص) هم بالاعتمار منها فصده المشركون، فقدم فعله، ثم أمره، ثم همه. والحديبية بتخفيف الياء على الأفصح بئر بين طريقي جدة والمدينة على ستة فراسخ من مكة، سميت بذلك لان عندها شجرة حدباء، كانت بيعة الرضوان عندها. (قوله: وميقات من لا ميقات له في طريقه) أي كأهل مصر والمغرب إذا سلكوا لجة البحر. وفي البجيرمي ما نصه: لا يقال المواقيت متفرقة لجهات مكة، فكيف يتصور عدم محاذاته الميقات؟ فينبغي أن المراد عدم المحاذاة في ظنه، دون نفس الامر، لأنا نقول يتصور بالجائي من سواكن إلى جدة، من غير أن يمر برابغ ولا بيلملم، لأنهما حينئذ أمامه، فيصل جدة قبل محاذاتهما، وهي على مرحلتين من مكة، فتكون هي ميقاته. شرح حجر. اه‍. (قوله: محاذاة الميقات الوارد إن حاذاه) هذا إذا حاذى ميقاتا واحدا، فإن حاذى ميقاتين، أحرم من محاذاة أقربهما إليه، فإن استويا في القرب إليه أحرم من محاذاة أبعدهما من مكة، ومن سكن بين مكة وبين الميقات فميقاته مسكنه. (قوله: وإلا فمرحلتان) أي وإن لم يحاذ ميقاتا أحرم على مرحلتين من مكة، لأنه لا ميقات بينه وبين مكة أقل من هذه المسافة. (قوله: فيحرم الجائي إلخ) مفرع على قوله محاذاة الميقات إلخ. وقوله: من جهة اليمن متعلق بالجائي. (وقوله: من الشعب) متعلق بيحرم. (وقوله: المحرم) لعل في العبارة سقطا أي المسمى بالمحرم، أو الذي يقال له المحرم. وقوله: الذي إلخ صفة للشعب. (قوله: ولا يجوز له) أي للجائي في البحر من جهة اليمن. (قوله: خلافا لما أفتى به شيخنا) هو مصرح به في التحفة، ونصها: وبه يعلم أن الجائي من اليمن في البحر له أن يؤخر إحرامه من محاذاة يلملم إلى جدة، لان مسافتها إلى مكة كمسافة يلملم كما صرحوا به.
قال الكردي بعد أن ساق العبارة المذكورة: وممن قال بالجواز: النشيلي مفتي مكة والفقيه أحمد بلحاج، وابن زياد اليمني وغيرهم. وممن قال بعدم الجواز: عبد الله بن عمر بامخرمة، ومحمد بن أبي بكر الأشخر، وتلميذ الشارح عبد الرؤوف. قال: لان جدة أقل مسافة بنحو الربع كما هو مشاهد وإن وجد تصريح لهم بأن كلا من يلملم وجدة مرحلتان، فمرادهم أن كلا لا ينقص عن مرحلتين، ولا يلزم منه استواء مسافتهما، لا سيما وقد حقق التفاوت الكثير ممن سلك الطريقين، وهم عدد كادوا أن يتواتروا.
قال ابن علان في شرح الايضاح: وليس هذا مما يرجع لنظر في المدرك حتى يعمل فيه بالترجيح، بل هو أمر محسوس يمكن التوصل لمعرفته بذرع حبل طويل يوصل لذلك. اه‍.
وفي البطاح ما نصه: قال ابن الجمال وما في التحفة مبني على اتحاد المسافة الظاهر من كلامهم، فإذا تحقق
(٣٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 338 339 340 341 342 343 344 345 346 347 348 ... » »»
الفهرست