الجمال: وقال بعض أصحابنا هو أبو حفص عمر بن الوكيل يجب الرقي على الصفا والمروة بقدر قامة. هكذا نقل البغوي عنه، وجرى عليه في الروضة وأصلها، والمشهور عنه وجوب صعود يسير، وهو الذي نقله عنه في المجموع، وهذا ضعيف، والصحيح المشهور أنه لا يجب، لكن الاحتياط أن يصعد، للخروج من الخلاف والتيقن.
فاحفظ ما ذكرناه في تحقيق واجب المسافة، فإن كثيرا من الناس يرجع بغير حج إن كان نسكهم حجا، ولا عمرة إن كان عمرة، لاخلاله بواجبه. وبالله التوفيق. اه. وقد علمت أن هذا بالنظر لما كان، وأما الآن، فقد غلت الأرض حتى غطت درجات كثيرة، فقطع المسافة متيقن من غير رقي أصلا. وقال في التحفة: الرقي الآن بالمروة متعذر، لكن بآخرها دكة، فينبغي رقيها، عملا بالوارد ما أمكن. اه. وقال البجيرمي إن الرقي الآن بقدر قامة غير متأت.
(قوله: وأن يمشي) معطوف على أن يرقى، فيكون لفظ يسن مسلطا عليه، لكن بقطع النظر عن قيده، وهو للذكر، لان المشي لا فرق فيه بين الذكر وغيره. أي ويسن أن يمشي الساعي أول السعي على هينته. (وقوله: ويعدو الذكر) أي ويسن أن يعدو الذكر في الوسط. والعدو الاسراع في المشي. وخرج بالذكر الأنثى والخنثى، فيمشيان على هينتهما في جميع المسعى، ولو في خلوة وليل على المعتمد وقيل يعدوان بليل عند الخلوة. (قوله: ومحلهما معروف) أي محل المشي ومحل العدو معروفان. فمحل العدو ابتداؤه من قبل الميل الأخضر المعلق بركن المسجد بستة أذرع إلى أن يتوسط الميلين الأخضرين، أحدهما بجدار دار العباس رضي الله عنه وهي الآن رباط منسوب إليه والآخر بجدار المسجد ومحل المشي ما عدا ذلك. (قوله: وخامسها إزالة شعر) أي وخامس الأركان إزالة شعر. أي إذا كان في رأسه شعر، وإلا فيسقط عنه، لكن يسن إمرارا الموسى. وعده من الأركان مبني على جعله نسكا أي عبادة وهو المشهور المعتمد. ومقابله أنه استباحة محظور، أي ممنوع بمعنى محرم عليه قبل ذلك، من الحظر وهو المنع بمعنى التحريم، وهو مبني على أنه ليس نسكا، وهو ضعيف. ويترتب على جعله نسكا أنه يثاب عليه. وعلى جعله استباحة محظور أنه لا يثاب عليه. قال في النهاية مع الأصل والحلق أي إزالة شعر الرأس أو التقصير في حج أو عمرة في وقته نسك على المشهور، فيثاب عليه، إذ هو للذكر أفضل من التقصير، والتفضيل إنما يقع في العبادات. وعلى هذا هو ركن كما سيأتي وقيل واجب. والثاني هو استباحة محظور، فلا يثاب عليه، لأنه محرم في الاحرام، فلم يكن نسكا، كلبس المخيط. اه. (قوله: من الرأس) أي من شعره، فلا يجزئ شعر غيره وإن وجبت فيه الفدية لورود لفظ الحلق أو التقصير فيه، واختصاص كل منهما عادة بشعر الرأس. وشمل ذلك المسترسل عنه، وما لو أخذها متفرقة.
(قوله: بحلق) هو استئصال الشعر بالموسى. (وقوله: أو تقصير) هو قطع الشعر من غير استئصال. والحلق والتقصير ليسا متعينين، فالمدار على إزالة الشعر بأي نوع من أنواع الإزالة، حلقا، أو تقصيرا، أو نتفا، أو إحراقا، أو قصا.
(قوله: لتوقف التحلل عليه) أي على ما ذكر من إزالة الشعر. وكان الأولى أن يزيد كما في المنهج مع عدم جبره بدم، لاخراج رمي جمرة العقبة، لأنه وإن توقف التحلل عليه لكنه يجر بدم، فهو ليس بركن. (قوله: وأقل ما يجزئ) أي من إزالة الشعر. (قوله: ثلاث شعرات) أي إزالة ثلاث شعرات، لقوله تعالى: * (محلقين رؤوسكم ومقصرين) * (1) لان الرأس لا يحلق، والشعر جمع، وأقله ثلاث كذا استدلوا به، ومنهم المصنف في المجموع قال الأسنوي: ولا دلالة في ذلك، لان الجمع إذا كان مضافا كان للعموم، وفعله (ص) يدل عليه أيضا. نعم، الطريق إلى توجيه المذهب أن يقدر لفظ الشعر منكرا مقطوعا عن الإضافة. والتقدير شعرا من رؤوسكم. أو نقول قام الاجماع كما نقله في المجموع