واعلم أي الإجارة من حيث هي قسمان:
إجارة عين - كاستأجرتك لتحج عني، أو عن ميتي بكذا ويشترط لصحتها أن يكون الأجير قادرا على الشروع في العمل، فلا يصح استئجار من لا يمكنه الشروع لنحو مرض أو خوف، أو قبل خروج القافلة، لكن لا يضر انتظار خروجها بعد الاسئجار. فالمكي ونحوه يستأجر في أشهر الحج لتمكنه من الاحرام، وغيره يستأجر عند خروجه، بحيث يصل الميقات في أشهر الحج، ويتعين فيها أن يحج الأجير بنفسه.
وإجارة ذمة - كألزمت ذمتك الحج عني، أو عن ميتي - فتصح، ولو لمستقبل، بشرط حلول الأجرة وتسليمها في مجلس العقد. وله أن يحج بنفسه، وأن يحج غيره، ويجوز أن يحج عن غيره بالنفقة. واغتفر الجهالة فيه، لأنه ليس إجارة، ولا جعالة، بل إرفاق.
(قوله: فضلت) أي الأجرة. (قوله: عما يحتاجه) أي من مؤنته ومؤنة عياله. (قوله: يوم الاستئجار) أي وليلته، كما في عبد الرؤوف. (قوله: وعما عدا إلخ) معطوف على عما يحتاجه، أي وفضلت عما عدا مؤنة نفسه وعياله بعد يوم الاسئجار أي عما عدا نفقته ونفقة عياله بعده. فالمراد بالمؤنة هنا: خصوص النفقة، لا ما يشمل الكسوة والسكنى والخادم، وإلا لم يبق لما عداها شئ يندرج فيه، إذ المراد بما عداها ما ذكر - من الكسوة، والخادم، والسكنى، ونحوها.
والحاصل يشترط في الأجرة أن تكون فاصلة عن جميع ما يحتاجه من نفقة وكسوة وخادم لنفسه أو لعياله بالنسبة ليوم الاستئجار. ويشترط أن تكون فاضلة عن جميع ما يحتاجه أيضا بالنسبة لما بعد يوم الاستئجار، ما عدا النفقة، أما هي سواء كانت لنفسه أو لعياله - فلا يشترط أن تكون الأجرة فاضلة عنها بعد يوم الاستئجار، وذلك لأنه إذا لم يفارق البلد أمكنه تحصيلها، ولو بالغرض.
(قوله: ولا يصح أن يحج) يقرأ بالبناء للمجهول، والجار والمجرور نائب فاعله، أي ولا يصح أن يحج أحد قريبا كان أو أجنبيا عن معضوب. وقوله بغير إذنه متعلق بيحج، والضمير يعود على المعضوب. (قوله: لان الحج إلخ) تعليل لعدم الصحة. (قوله: والمعضوب أهل لها) أي للنية، إذ لو تكلف الحج وحج صح حجه. (وقوله: وللاذن) أي وأهل للاذن. (فائدة) لو امتنع المعضوب من الاذن، لم يأذن الحاكم عنه، ولا يجبره عليه وإن تضيق إلا من باب الأمر بالمعروف. (قوله: أركانه أي الحج) أي أجزاؤه. فالإضافة من إضافة الاجزاء إلى الكل، أو من إضافة المفصل للمجمل.
(وقوله: ستة) وقيل أربعة بعد الحلق أو التقصير واجبا، وبإسقاط الترتيب. (قوله: أحدها) أي الأركان. (وقوله: إحرام به) أي بالحج. (قوله: أي بنية دخول) تفسير لمعنى الاحرام هنا. وفسره به لأنه الملائم للركنية، ويفسر أيضا بنفس الدخول، إلا أنه بهذا المعنى لا يعد ركنا بل يجعل موردا للصحة والفساد، بحيث يقال: صح الاحرام، أو فسد الاحرام. (قوله: لخبر إلخ) دليل لركنية الاحرام على التفسير الذي ذكره. (قوله: ولا يجب تلفظ بها) أي بالنية المرادة من الاحرام. (قوله: وتلبية) أي ولا يجب تلبية، فهو بالرفع معطوف على تلفظ. وقوله: بل يسنان أي التلفظ بها والتلبية. (وقوله: فيقول بقلبه) أي وجوبا. وقوله: وبلسانه أي ندبا. وقوله: نويت الحج أي أو العمرة، أو هما، أو النسك. وقوله: وأحرمت به لله تعالى عطف مرادف أتى به للتأكيد ولا تجب نية الفرضية جزما، لأنه لو نوى به النفل وقع عن الفرض. ولو تخالف القلب واللسان فالعبرة بما في القلب. هذا إن حج عن نفسه، فإن حج أو اعتمر عن غيره