ما ذكر من غير يمين، لما صح أنه (ص) أعطى من سألاه الصدقة بعد أن أعلمهما أنه لاحظ فيها لغني ولا لقوي مكتسب، ولم يحلفهما، مع أنه رآهما جلدين أي قويين. (قوله: لا مدعي تلف مال) معطوف على مدعي فقر. أي لا يصدق مدعي تلف مال - أي مطلقا سواء ادعى التلف بسبب ظاهر كحريق، أو خفي كسرقة - كما في التحفة. (وقوله: عرف) الجملة صفة لمال. أي عرف أنه له. (وقوله: بلا بينة) أي لا يصدق بلا بينة، لان الأصل بقاء المال. والبينة: رجلان، أو رجل وامرأتان، ويغني عنها استفاضة بين الناس بأنه تلف. ومثل دعوى التلف في ذلك دعوى أنه عامل، أو مكاتب، أو غارم، أو مؤلف، وقد عرف بخلافه.
(والحاصل) أن من علم الدافع حاله من استحقاق وعدمه عمل بعلمه. ومن لم يعلم حاله، فإن ادعى فقرا، أو مسكنة، أو عجزا عن كسب، أو ضعف إسلام، أو غزوا، أو كونه ابن سبيل، صدق بلا يمين. وإن ادعى تلف مال معروف له، أو غرما، أو كتابة، أو أنه عامل، لا يصدق إلا ببينة، أو استفاضة. ويصدق دائن في الغارم، وسيد في المكاتب - كما سيأتي.
(قوله: والعامل) أي ولو غنيا. ومحل استحقاقه من الزكاة إذا أخرجها الامام ولم يجعل له جعلا من بيت المال، فإن فرقها المالك أو جعل الامام له ذلك سقط سهمه. وعبارة الكردي: العامل من نصبه الامام في أخذ العمالة من الصدقات، فلو استأجره من بيت المال أو جعل له جعلا لم يأخذ من الزكاة. اه. (قوله: كساع) تمثيل للعامل، وكان الملائم لما قبله والاخصر أن يؤخر هذا عن التعريف، كأن يقول والعامل هو من يبعثه إلخ. ثم يقول: كساع، وقاسم، وحاشر، وأشار بالكاف إلى أن العامل لا ينحصر فيما ذكره، إذ منه: الكاتب، والحاسب، والحافظ، والجندي إن احتيج إليه.
(قوله:
وهو من يبعثه الامام إلخ) هذا البعث واجب. ويشترط في هذا أن يكون فقيها بما فوض إليه منها، وأن يكون مسلما، مكلفا، حرا، عدلا، سميعا، بصيرا، ذكرا، لأنه نوع ولاية. (قوله: وقاسم) معطوف على ساع، وهو الذي يقسمها عل المستحقين. (وقوله: وحاشر) معطوف على ساع، وهو الذي يجمع ذوي الأموال أو والمستحقين. (قوله: لا قاض) معطوف على ساع أيضا، أي لا كقاض - أي ووال - فلا يعطيان من الزكاة لأنهما وإن كانا من العمال لكن عملهما عام، بل يعطيان من خمس الخمس المرصد للمصالح العامة، إن لم يتطوعا بالعمل. (قوله: والمؤلفة) جمع مؤلف من التأليف، وهو جمع القلوب. والمؤلفة أربعة أقسام، ذكر الشارح منها قسمين وبقي عليه قسمان، أحدهما: مسلم مقيم بثغر من ثغورنا ليكفينا شر من يليه من الكفار. وثانيهما: مسلم يقاتل أو يخوف مانع الزكاة حتى يحملها إلى الامام.
فيعطيان، لكن بشرط أن يكون إعطاؤهما أسهل من بعث جيش، وبشرط الذكورة، وكون القاسم، الامام. وإنما تركهما لان الأول في معنى العامل، والثاني في معنى الغازي. واشترط بعضهم في إعطاء المؤلفة احتياجنا إليهم. وفيه نظر، بالنسبة للقسمين المذكورين في الشرح. (قوله: من أسلم) من: واقعة على متعدد حتى يصح الحمل، أي المؤلفة جماعة أسلموا إلخ. (قوله: ونيته ضعيفة) أي في أهل الاسلام بأن تكون عنده وحشة منهم، أو في الاسلام نفسه، فيعطى ليتقوى إيمانه، أو لتزول وحشته. (قوله: أو له شرف) معطوف على ونيته ضعيفة. أي أو من أسلم ونيته قوية، لكن له شرف يتوقع بسبب إعطائه إسلام غير من نظرائه فيعطى حينئذ لأجل ذلك. وهذا القسم وما قبله يعطيان مطلقا - ذكورا كانوا أم لا، احتجنا إليهم أم لا، قسم الامام أم لا. (قوله: والرقاب) مبتدأ، خبره المكاتبون، أي الرقاب في الآية هم المكاتبون. ومن المعلوم أن الرقاب جمع رقبة، والمراد بها الذات، من إطلاق الجزء وإرادة الكل. (وقوله: كتابة صحيحة) أي ولو لنحو كافر، وهاشمي، ومطلبي، فيعطون ما يعينهم على العتق إن لم يكن معهم ما يفي بنجومهم، ولو