إعانة الطالبين - البكري الدمياطي - ج ٢ - الصفحة ٢١٤
يقع) أي أحدهما المال أو الكسب، أو مجموعهما. ومعنى كونه يقع موقعا من كفايته: أنه يسد مسدا بحيث يبلغ النصف فأكثر. قال ابن رسلان في زبده:
فقير العادم والمسكين له * ما يقع الموقع دون تكمله (وقوله: ولا يكفيه) أي والحال أنه لا يكفيه ما ذكر من المال أو الكسب أو مجموعهما. وخرج به من قدر على مال أو كسب يكفيه، فإنه غني، لا يجوز له أخذ الزكاة. (قوله: كمن يحتاج إلخ) تمثيل للمسكين. (قوله: وعنده ثمانية) أي أو يكتسب كل يوم ثمانية. أو يكون مجموع المال والكسب كذلك. ومثل الثمانية: السبعة، والستة، والخمسة. (قوله:
ولا يكفيه) الأولي ولا تكفيه - بالتاء - إذ فاعله يعود على الثمانية، وهي مؤنثة. ولو أسقطه لكان أخصر، لأنه معلوم من تعبيره بالاحتياج إلى العشرة ومن جعله مثالا للمسكين الذي ضبطه بما مر. (وقوله: الكفاية السابقة) وهي كفايته، وكفاية ممونة. (قوله: وإن ملك أكثر من نصاب) غاية لقوله والمسكين من قدر إلخ. أي أن من قدر على ما ذكر من غير كفاية يكون مسكينا، وإن ملك أكثر من نصاب. ومن ثم قال في الاحياء: قد يملك ألفا وهو فقير، وقد لا يملك إلا فأسا وحبلا وهو غني، كالذي يكتسب كل يوم كفايته.
وفي التحفة ما نصه: (تنبيه) علم مما تقرر أن الفقير أسوأ حالا من المسكين. وعكس أبو حنيفة، ورد بأنه (ص) استعاذ من الفقر، وسأل المسكنة بقوله: اللهم أحيني مسكينا، الحديث. ولا رد فيه، لان الفقر المستعاذ منه فقر القلب، والمسكنة المسؤولة سكونه وتواضعه وطمأنينته. على أن حديثها ضعيف ومعارض بما روي أنه (ص) استعاذ منها.
لكن أجيب بأنه إنما استعاذ من فتنتها، كما استعاذ من فتنتي الفقر والغنى دون وصفيهما لأنهما تعاوراه، فكان خاتمه أمره غنيا بما أفاء الله عليه. وإنما الذي يرد عليه ما نقله في المجموع عن خلائق من أهل اللغة مثل ما قلناه. اه‍. (واعلم) أن ما لا يمنع الفقر مما تقدم لا يمنع المسكنة أيضا - كما مر التنبيه عليه - ومما لا يمنعهما أيضا: اشتغاله عن كسب يحسنه بحفظ القرآن، أو بالفقه، أو بالتفسير، أو الحديث. أو ما كان آلة لذلك وكان يتأتى منه ذلك فيعطى ليتفرغ لتحصيله لعموم نفعه وتعديه، وكونه فرض كفاية. ومن ثم لم يعط المتنفل بنوافل العبادات وملازمة الخلوات، لان نفعه قاصر على نفسه. (قوله: حتى إلخ) حتى تفريعية، أي فللامام إلخ.
(قوله: أن يأخذ زكاته) أي المسكين المالك للنصاب. (وقوله: ويدفعها إليه) أي إلى ذلك المسكين الذي أخذ الامام منه الزكاة. (قوله: فيعطى إلخ) الفاء واقعة في جواب شرط مقدر، أي إذا علمت أن الفقير والمسكين من الأصناف الثمانية فيعطى إلخ. (قوله: كل منهما) أي الفقير والمسكين. (وقوله: إن تعود تجارة) أي اعتاد وصلح لها. (وقوله:
رأس مال) مفعول ثان ليعطى. (قوله: أو حرفة) أي أو تعود حرفة، فهو معطوف على تجارة. (وقوله:
آلتها) أي يعطى آلتها - أي الحرفة، أي أو ثمنها. (قوله: يعطى كفاية العمر الغالب) أي بقيته، وهو ستون سنة، وبعدها يعطى سنة سنة - كما في التحفة والنهاية - قال الكردي: وليس المراد بإعطاء من لا يحسن ذلك إعطاء نقد يكفيه تلك المدة، لتعذره، بل ثمن ما يكفيه دخله، فيشتري له عقارا، أو نحو ماشية - إن كان من أهلها - يستغله. اه‍. (قوله: وصدق مدعي فقر ومسكنة) مثله - كما سيأتي - مدعي أنه غاز أو ضعيف الاسلام، أو أنه ابن السبيل. (قوله: عجز عن كسب) معطوف على فقر، أي وصدق مدعي عجز عن كسب. (وقوله: ولو قويا جلدا) غاية في الأخير. وفي النهاية: وقول الشارح وحاله يشهد بصدقه بأن كان شيخا كبيرا، أو زمنا. جرى على الغالب. اه‍. (قوله: بلا يمين) متعلق بصدق، أي صدق مدعي
(٢١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 219 ... » »»
الفهرست