أما عقوبته على إتيانه بهذه الجريمة فإنما هي أن تقيم زوجته عليه الدعوى وتشكو غدره إلى المحكمة وتطلب منها التفريق بينهما، وكذلك ليس من حق زوج المرأة الزانية أن يقيم عليها الدعوى في المحكمة ويطلقها أمامها فحسب، بل له كذلك أن ينال غرامة مالية من الرجل الذي أفسد زوجته. ومن العجيب أن هذه العقوبة سيف يقطع من جانبين، فإن المرأة وإن كان لها أن تقيم الدعوى على زوجها الغادر وتنال من المحكمة حكم تفريقها منه، ولكن لا يجوز لها أن تنكح رجلا آخر طول حياتها، وكذلك الرجل إن فعل بزوجته الغادرة، ومعنى ذلك أن كل من أحب من الزوجين أن يحيا في الدنيا حياة الرهبان والراهبات فعليه أن يشكو إلى المحكمة.
أما الاسلام فإنه يراها جريمة مستلزمة للمؤاخذة والعقوبة ويغلظ في نظره شدة هذه الجريمة لا على أساس أنه نقض العهد أو تعدى على فراش غيره، ولكن على أساس أنه سلك لقضاء شهوته طريقا غير مشروع، وعلى أساس أنه إذا أطلق عناس الناس لاتيانها متى شاؤوا، فإنها لا تلبث أن تستأصل شأفة نوع الانسان وتمدنه معا.
قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل) إذا وطئ رجل من أهل دار الاسلام امرأة محرمة عليه من غير عقد ولا شبهة عقد وغير ملك ولا شبهة ملك وهو عاقل بالغ مختار عالم بالتحريم وجب عليه الحد، فإن كان محصنا وجب عليه الرجم لما روى ابن عباس رضي الله عنه قال، قال عمر: لقد خشيت أن يطول بالناس زمان حتى يقول قائلهم ما نجد الرجم في كتاب الله فيضلون ويتركون فريضة أنزلها الله، ألا إن الرجم إذا أحصن الرجل وقامت البينة أو كان الحمل أو الاعتراف، وقد قرأتها الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة، وقد رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا، ولا يجلد المحصن مع الرجم لما روى أبو هريرة وزيد بن خالد الجني رضي الله عنهما قالا:
كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام إليه رجل فقال إن ابني كان عسيفا على هذا فزنى بامرأته، فقال على ابنك جلد مائة وتغريب عام، واغد يا أنيس