(فصل) وإن قال زنى فرجك أو دبرك أو ذكرك فهو قذف لان الزنا يقع بذلك، وان قال زنت عينك أو بدك أو رجلك فقد اختلف أصحابنا فيه، فمنهم من قال هو قذف، وهو ظاهر ما نقله المزني رحمه الله، لأنه أضاف الزنا إلى عضو منه فأشبه إذا أضاف إلى الفرج، ومنهم من قال ليس بقذف من غير نية.
وخطأ المزني في النقل لان الزنا لا يوجد من هذه الأعضاء حقيقة، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم (العينان تزنيان واليدان تزنيان والرجلان تزنيان ويصدق ذلك كله الفرج أو يكذبه، فإن قال زنى بدنك ففيه وجهان.
(أحدهما) أنه قذف من غير نية، لان الزنا بجميع البدن يكون بالمباشرة فلم يكن صريحا في القذف.
(والثاني) أنه قذف لأنه أضاف إلى جميع البدن والفرج داخل فيه، وان قال لا ترد يد لا مس لم يكن قاذفا، لما روى أن رجلا من بنى فزارة قال للنبي صلى الله عليه وسلم ان امرأتي لا ترد يد لامس، ولم يجعله النبي صلى الله عليه وسلم قاذفا. وان قال زنى بك فلان وهو صبي لا يجامع مثله لم يكن قاذفا، لأنه لا يوجد منه الوطئ الذي يجب به الحد عليها، وإن كان صبيا يجامع مثله فهو قذف لأنه يوجد منه الوطئ الذي يجب به الحد عليها وان قال لامرأته زنيت بفلانة أو زنت بك فلانة لم يحب به الحد، لان ما رماها به لا يوجب الحد.
(فصل) وان أتت امرأته بولد فقال ليس منى لم يكن قاذفا من غير نية لجواز أن يكون معناه ليس منى خلقا أو خلقا أو من زوج غيري أو من وطئ شبهة أو مستعار. وان نفى نسب ولده باللعان فقال رجل لهذا الولد لست بابن فلان لم يكن قذفا، لأنه صادق في الظاهر أنه ليس منه، لأنه منفى عنه. قال الشافعي رحمه الله: إذا أقر بنسب ولد فقال له رجل لست بابن فلان فهو قذف وقال في الزوج: إذا قال للولد الذي أقر به لست بابني أنه ليس بقذف واختلف أصحابنا فيه فمنهم من قال إن أراد القذف فهو قذف في المسألتين، وان لم يرد القذف فليس بقذف في المسألتين، وحمل جوابه في المسألتين على هذين الحالين. ومن أصحابنا من نقل جوابه في كل واحدة منهما إلى الأخرى وجعلهما على قولين.