(أحدهما) أن القول قول الأبوين، لأنه إذا ثبت أنهما كافران كان الولد محكوما بكفره إلى أن يعلم الاسلام.
(والثاني) أن الميراث يوقف إلى أن يصطلحوا أن ينكشف الامر لان الولد إنما يتبع الأبوين في الكفر قبل البلوغ، فأما بعد البلوغ فله حكم نفسه، ويحتمل أنه كان مسلما ويحتمل أنه كان كافرا فوقف الامر إلى أن ينكشف.
(فصل) وإن مات رجل وله ابن حاضر وابن غائب وله دار في يد رجل فادعى الحاضر أن أباه مات وأن الدار بينه وبين أخيه وأقام بينة من أهل الخبرة بأنه مات وأنه لا وارث له سواهما انتزعت الدار ممن هي في يده ويسلم إلى الحاضر نصفها وحفظ النصف للغائب، وإن كان له دين في الذمة قبض الحاضر نصفه، وفى نصيب الغائب وجهان:
(أحدهما) أنه يأخذه الحاكم ويحفظه عليه كالعين.
(والثاني) أنه لا يأخذه لان كونه في الذمة أحفظ له ولا يطالب الحاضر فيما يدفع إليه بضمين لان في ذلك قدحا في البينة، وان لم تكن البينة من أهل الخبرة الباطنة أو كانت من أهل الخبرة إلا أنها لم تشهد بأنها لا تعرف له وارثا سواه لم يدفع إليه شئ حتى يبعث الحاكم إلى البلاد التي كان يسافر إليها فيسأل هل له وارث آخر؟ فإذا سأل ولم يعرف له وارث غيره دفع إليه. قال الشافعي رحمه الله: يأخذ منه ضمينا، وقال في الام: وأحب أن يأخذ منه ضمينا، فمن أصحابنا من قال فيه قولان:
(أحدهما) أنه يجب أخذ الضمين لأنه ربما ظهر وارث آخر.
(والثاني) أنه يستحب ولا يجب لأن الظاهر أنه لا وارث له غيره، ومنهم من قال إن كان الوارث ممن يحجب كالأخ والعم وجب، وإن كان ممن لا يحجب كالابن استحب، لان من لا يحجب يتيقن أنه وارث، ويشك فيمن يزاحمه فلم يترك اليقين بالشك، ومن يحجب يشك في إرثه، وحمل القولين على هذين الحالين. ومنهم من قال إن كان الوارث غير مأمون وجب لأنه لا يؤمن أن يضيع حق من يظهر، وإن كان مأمونا لم يجب لأنه لا يضيع حق من يظهر، وحمل القولين على هذين الحالين.