يدعيه غيره، وهذا خطأ لأنه حكم بمجرد الدعوى، وان أقر بها لغائب ولا بينة وقف الامر إلى أن يقدم الغائب لان الذي في يده لا يدعيها ولا بينة تقضى بها فوجب التوقف، فإن طلب المدعى يمين المدعى عليه أنه لا يعلم أنها له فعلى ما ذكرناه من القولين. وإن كان للمدعى بينة قضى له، وهل يحتاج إلى أن يحلف مع البينة فيه وجهان:
(أحدهما) أنه يحتاج أن يحلف مع البينة لأنا حكمنا بإقرار المدعى عليه أنها ملك للغائب، ولا يجوز القضاء بالبينة على الغائب من غير يمين.
(والثاني) وهو قول أبي إسحاق انه لا يحتاج أن يحلف لأنه قضاء على الحاضر وهو المدعى عليه، وإن كان مع المدعى عليه بينة أنها للغائب فالمنصوص أنه يحكم ببينة المدعى وتسلم إليه، ولا يحكم ببينة المدعى عليه وإن كان معها يد لان بينة صاحب اليد إنما يقضى بها إذا أقامها صاحب الملك أو وكيل له والمدعى عليه ليس بمالك ولا هو وكيل للمالك فلم يحكم ببينته.
وحكى أبو إسحاق رحمه الله عن بعض أصحابنا أنه قال: إن كان المقر للغائب يدعى أن الدار في يده وديعة أو عارية لم تسمع بينته، وإن كان يدعى أنها في يده بإجارة سمعت بينته وقضى بها، لأنه يدعى لنفسه حقا فسمعت بينته فيصح الملك للغائب ويستوفى بها حقه من المنفعة، وهذا خطأ لأنه إذا لم تسمع البينة في اثبات الملك وهو الأصل، فلان لا تسمع لاثبات الإجارة وهي فرع على الملك أولى، وان أقر بها لمجهول فقد قال أبو العباس فيه وجهان.
(أحدهما) أنه يقال له اقرارك لمجهول لا يصح، فإما أن تقر بها لمعروف أو تدعيها لنفسك أو نجعلك ناكلا ويحلف المدعى ويقضى له (والثاني) أن يقال له اما أن تقر بها لمعروف أو نجعلك ناكلا ولا يقبل دعواه لنفسه لأنه بإقراره لغيره نفى أن يكون الملك له فلم تقبل دعواه بعد (فصل) إذا ادعى جارية وشهدت البينة أنها ابنة أمته لم يحكم له بها لأنها قد تكون ابنة أمته ولا تكون له بأن تلدها في ملك غيره ثم يملك الأمة دونها فتكون ابنة أمته ولا تكون له.
وان شهدت البينة أنها ابنة أمته ولدتها في ملكه فقد قال الشافعي رحمه الله