ومن عدا الوالدين والأولاد من الأقارب كالأخ والعم وغيرهما تقبل شهادة بعضهم لبعض لأنه لم يجعل نفس أحدهما كنفس الآخر في العتق ولا ماله كماله في النفقة، وإن شهد شاهدان على رجل أنه قذف ضرة أمهما ففيه قولان: قال في القديم لا تقبل لأنهما يجران إلى أمهما نفعا لأنه يجب عليه بقذفها الحد فيحتاج أن يلاعن، وتقع الفرقة بينه وبين ضرة أمها، وقال في الجديد تقبل وهو الصحيح، لان حق أمهما لا يزيد بمفارقة الضرة، وإن شهد أنه طلق ضرة أمهما ففيه قولان (أحدهما) أنه تقبل (والثاني) أنه لا تقبل، وتعليلهما ما ذكرناه (فصل) وتقبل شهادة أحد الزوجين للآخر لان النكاح سبب لا يعتق به أحدهما على الآخر بالملك فلم يمنع من شهادة أحدهما للآخر كقرابة ابن العم ولا تقبل شهادة الزوج على الزوجة في الزنا، لان شهادته دعوى خيانة في حقه فلم تقبل كشهادة المودع على المودع بالخيانة في الوديعة، ولأنه خصم لها فيما يشهد به فلم تقبل، كما لو شهد عليها أنها جنت عليه.
(فصل) ولا تقبل شهادة العدو على عدوه لقوله عليه الصلاة والسلام (لا تقبل شهادة خصم ولا ظنين ولا ذي إحنة) وذو الإحنة هو العدو، ولأنه متهم في شهادته بسبب منهى عنه فلم تقبل شهادته.
(فصل) ومن جمع في الشهادة بين أمرين فردت شهادته في أحدهما نظرت فإن ردت العداوة بينه وبين المشهود عليه، مثل أن يشهد على رجل أنه قذفه وأجنبيا ردت شهادته في حقه وفى حق الأجنبي، لأن هذه الشهادة تضمنت الاخبار عن عداوة بينهما وشهادة العدو على عدوه لا تقبل، فإن ردت شهادته في أحدهما لتهمة غير العداوة بأن شهد على رجل أنه اقترض من أبيه ومن أجنبي مالا ردت شهادته في حق أبيه، وهل ترد في حق الأجنبي؟ فيه قولان.
(أحدهما) أنها ترد كما لو شهد أنه قذفه وأجنبيا (والثاني) أنها لا ترد لأنها ردت في حق أبيه للتهمة ولا تهمة في حق الأجنبي فقبلت.
(فصل) ومن ردت شهادته بمعصية فتاب قبلت شهادته لقوله تعالى (والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم