ولان فيه منفعة لأنه يأخذ بيضه وفرخه، ويكره اللعب به لما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يسعى بحمامة فقال: شيطان يتبع شيطانة، وحكمه في رد الشهادة حكم الشطرنج وقد بيناه.
(فصل) ومن شرب قليلا من النبيذ لم يفسق ولم ترد شهادته، ومن أصحابنا من قال إن كان يعتقد تحريمه فسق وردت شهادته، والمذهب الأول، لان استحلال الشئ أعظم من فعله بدليل أن من أستحل الزنا كفر، ولو فعله لم يكفر فإذا لم ترد شهادة من استحل القليل من النبيذ فلان لا يرد شربه أولى ويجب عليه الحد، وقال المزني رحمه الله لا يجب كما لا ترد شهادته، وهذا خطأ لان الحد المردع والنبيذ كالخمر في الحاجة إلى الردع لأنه يشتهى كما يشتهى الخمر ورد الشهادة لارتكاب كبيرة لأنه إذا أقدم على كبيرة أقدم على شهادة الزور وشرب النبيذ ليس بكبيرة، لأنه مختلف في تحريمه، وليس من أقدم على مختلف فيه أقدم على شهادة الزور وهي من الكبائر.
(فصل) ويكره الغناء وسماعه من غير آلة مطربة، لما روى ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل) ولا يحرم لما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بجارية لحسان بن ثابت وهي تقول: هل على ويحكما * إن لهوت من حرج فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا حرج إن شاء الله.
وروت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: كان عندي جاريتان تغنيان فدخل أبو بكر رضي الله عنه فقال: مزمار الشيطان في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم دعهما فإنهما أيام عيد، فإن غنى لنفسه أو سمع غناء جاريته ولم يكثر منه لم ترد شهادته، لان عمر رضي الله عنه كان إذا دخل في داره يرنم بالبيت والبيتين، واستؤذن عليه لعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه وهو يترنم، فقال أسمعتني يا عبد الرحمن، قال نعم، قال إنا إذا خلونا في منازلنا نقول كما يقول الناس.