قال المصنف رحمه الله تعالى:
باب من تقبل شهادته ومن لا تقبل لا تقبل شهادة الصبي لقوله تعالى (واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان) والصبي ليس من الرجال، ولما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم (رفع القلم عن ثلاثة: عن الصبي حتى يبلغ. وعن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يفيق) ولأنه إذا لم يؤتمن على حفظ أمواله فلان لا يؤتمن على حفظ حقوق غيره أولى. ولا تقبل شهادة المجنون للخبر والمعنى الذي ذكرناه، ولا تقبل شهادة المغفل الذي يكثر منه الغلط لأنه لا يؤمن أن يغلط في شهادته. وتقبل الشهادة ممن يقل منه الغلط لان أحدا لا ينفك من الغلط.
واختلف أصحابنا في شهادة الأخرس، فمنهم من قال تقبل لان إشارته كعبارة الناطق في نكاحه وطلاقه فكذلك في الشهادة، ومنهم من قال لا تقبل لان إشارته أقيمت مقام العبارة في موضع الضرورة وهو في النكاح والطلاق لأنها لا تستفاد إلا من جهته ولا ضرورة بنا إلى شهادته لأنها تصح من غيره بالنطق فلا تجوز بإشارته.
(فصل) ولا تقبل شهادة العبد لأنها أمر لا يتبعض بنى على التفاضل فلم يكن للعهد فيه مدخل كالميراث والرحم، ولا تقبل شهادة الكافر لما روى معاذ رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تجوز شهادة أهل دين على أهل دين آخر إلا المسلمين فإنهم عدول على أنفسهم وعلى غيرهم، ولأنه إذا لم تقبل شهادة من يشهد بالزور على الآدمي، فلان لا تقبل شهادة من شهد بالزور على الله تعالى أولى، ولا تقبل شهادة فاسق لقوله تعالى (إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين) فإن ارتكب كبيرة كالغصب والسرقة والقذف وشرب الخمر فسق وردت شهادته، سواء فعل ذلك مرة أو تكرر منه والدليل عليه قوله عز وجل