ووافق أبو حنيفة مالكا في هذه الشروط إلا في الوطئ المحظور واشترط في الحرية أن تكون من الطرفين أعني أن يكون الزاني والزانية حرين ولم يشترط الاسلام الشافعي. وعمدة الشافعي ما رواه مالك عن نافع عن ابن عمر، وهو حديث متفق عليه أن النبي صلى الله عليه وسلم رجم اليهودية واليهودي، وعمدة مالك من طريق المعنى أن الاحصان عنده فضيلة، ولا فضيلة مع عدم الاسلام وهذا مبناه على أن الوطئ في نكاح صحيح هو مندوب إليه فهذا هو حكم الثيب.
وأما الأبكار فان المسلمين أجمعوا على أن حد البكر في الزنا جلد مائة، واختلفوا في التغريب فقال أبو حنيفة وأصحابه لا تغريب أصلا.
وقال الشافعي: لابد من التغريب مع الجلد لكل زان ذكرا كان أو أنثى حرا كان أو عبدا.
وقال مالك يغرب الرجل ولا تغرب المرأة، وبه قال الأوزاعي ولا تغريب عند مالك على العبيد فعمدة من أوجب التغريب على الاطلاق حديث عبادة بن الصامت، ومن خصص المرأة من هذا العموم فإنما خصصه بالقياس، لأنه رأى أن المرأة تعرض بالغربة لأكثر من الزنا، وهذا من القياس المرسل أعني المصلحي الذي كثيرا ما يقول به مالك.
وأما عمدة الحنفية فظاهر الكتاب وهو مبنى على رأيهم أن الزيادة على النص فسخ وأنه ليس ينسخ الكتاب بأخبار الآحاد، ورووا عن عمر أنه حد ولم يغرب، وروى الكوفيون عن أبي بكر وعمر أنهم غربوا.
وأما حكم العبيد في هذه الفاحشة فان العبيد صنفان ذكور وإناث، أما الإناث فان العلماء أجمعوا على أن الأمة إذا تزوجت وزنت أن حدها خمسون جلدة، واختلفوا إذا لم تزوج، فقال جمهور فقهاء الأمصار حدها خمسون جلدة وقالت طائفة. لا حد عليها وإنما عليها تعزير فقط، وروى ذلك عن عمر بن الخطاب، وقال قوم لا حد على الأمة أصلا، والسبب في اختلافهم الاشتراك الذي في اسم الاحصان في قوله تعالى (فان أحصن) فمن فهم الاحصان التزوج قال بدليل الخطاب لا تجلد الغير المتزوجة، ومن فهم من الاحصان الاسلام