سوابغ نعمك، فابتدعت خلقي من مني يمنى، وأسكنتني في ظلمات ثلاث، بين لحم ودم وجلد، لم تشهدني خلقي، ولم تجعل إلى شيئا من أمري، ثم أخرجتني للذي سبق لي من الهدى إلى الدنيا تاما سويا، وحفظتني في المهد طفلا صبيا، ورزقتني من الغذاء لبنا مريا، و عطفت علي قلوب الحواضن، وكفلتني الأمهات الرواحم، وكلأتني من طوارق الجان، وسلمتني من الزيادة والنقصان، فتعاليت يا رحيم يا رحمن، حتى إذا استهللت ناطقا بالكلام، أتممت على سوابغ الأنعام، و ربيتني زايدا في كل عام، حتى إذا اكتملت فطرتي، واعتدلت مرتي، أوجبت علي حجتك بأن ألهمتني معرفتك، وروعتني بعجائب حكمتك، وأيقظتني لما ذرات في سماءك وأرضك من بدائع خلقك، ونبهتني لشكرك وذكرك، وأوجبت علي طاعتك وعبادتك، و فهمتني ما جاءت به رسلك، ويسرت لي تقبل
(٢٣٧)