فاقول في دفع هذه الشبهة - بعد منع كون حصول المحرمية وحلية النظر اثر الكل تزويج بحيث يشمل ما نحن فيه. اذا دليله انما هو الاجماع وهو ممنوع هنا، لعدم استلزام التحريم المحرمية مطلقا. فجواز جعله اثرا مقصودا من هذا العقد في محل المنع - بمنع كون هذا عقد تزويج يمكن ترتب اثر جواز النظر الى الام، عليه. ولابد في تحقيق المقام من تمهيد مقدمة وهو: ان كل مصلحة تترتب على فعل فهى من حيث كونها متولدة منه ونتيجة له، تسمى فايدة له. ومن حيث انها طرف له وفي آخره، تسمى غاية. ومن حيث كونها باعثة للفاعل على الاقدام به، تسمى علة غائية. ومن حيث كونها مطلوبة للفاعل في الاقدام به، تسمى غرضا.
فالاخيران متحدان بالذات ومختلفان بالاعتبار، لانه اذا اعتبر كونها منتسبا الى الفاعل فهى غرض. واذ اعتبر منتسبا الى الفعل فهى علة غائية. كما ان الاولين ايضا كذلك فمن حيث تولدها، فائدة. ومن حيث وقوعها في النهاية، وغاية. والاولان اعم من الاخبرين مطلقا فليس كل فائدة وثمرة يترتب على الفعل، علة غائية وغرضا لفاعله.
اذا تحقق هذا فاعلم: ان افعاله سبحانه وتعالى معللة بالاغراض (كما هو محقق عند اهل الحق) ولكن قديترتب على افعاله آثار ليس باغراض. فان تحريم الزنا (مثلا) معللا بعدم اختلاط المياه وتشويش الانساب ونحو ذلك. ولكنه يترتب عليه اجرا الحد مثلا و - من الظاهر انه - ليس الغرض من التحريم ذلك وان ترتب عليه، وان كان الترتب ايضا بجعله تعالى، فضلا عما لم يكن بجعله مثل قتل اهل المرأة الزانى. فان ذلك قد يكون من آثار التحريم لانفس الزنا. وكذلك تحليل النكاح معللة بسد باب الفجور و تكثير النسل وابقا النوع، ولذلك ورد على وجوه مختلفة من الدوام والانقطاع وملك اليمين على حسب مقدرة العباد (كما ورد في الاخبار) وقد يترتب عليه آثار ليست من جملة اغراضه تعالى (اولم يعلم منه تعالى كونها غرضاله) فامتثال العباد في تلك الاحكام والافعال لابد ان يكون على وفق اغراضة تعالى. ولا يجوز ان يجعل ماليس بغرض غرضا، سيما بحيث انحصر الغرض فيه وانطوى باب اصل الغرض المطلوب فيه.
وكذلك الكلام في مالم يكن اصل العمل من مبتدعاته تعالى بل كان من افعال العباد ولكنه تعالى جوزه وامضاه كالبيع. فان وضع البيع في العرف والعادة لاجل نقل الملك والتسلط على العوضين على الوجه الخاص، وهذا هو غرض الواضعين. فاذا جوزه تعالى فتجويزه انما هو على وفق مواضعتهم، فلابد لمن يريد البيع قصد هذا الغرض