على عهد رسول الله وأبي بكر حتى نهى عنه عمر في شأن عمرو بن حريث (1)، كما عارضه أبو سعيد الخدري (2)، وأبي بن كعب في قراءته * (فما استمتعتم به منهن إلى أجل (3) *، وكان عمر قبل ذلك أراد أن ينهي عن متعة الحج فحاججه أبي فأضرب عمر عن ذلك (4).
ويبدو أن عمر التفت إلى أنه يحكم في المدينة - التي هي معقل الأنصار - وأن المعارضين لفقهه يزدادون يوما بعد آخر، فلذلك وجد المخرج من هذا الصراع الفقهي المتفاقم. بأن صرح في خطبته في الجابية قائلا، من أراد أن يسأل عن القرآن فليأت أبي بن كعب، ومن أراد أن يسأل عن الحلال والحرام فليأت معاذ بن جبل، ومن أراد أن يسأل عن الفرائض فليأت زيد بن ثابت، ومن أراد أن يسأل عن المال فليأتني فإني له خازن (5). فامتص عمر ردة الفعل الفقهي الأنصاري بجعله هذه المحاور الثلاثة لمن أراده من الأنصار حلا لأزمته تلك.
وهكذا برزت أسماء لامعة من الأنصار تناهض فقه الخليفة عمر بن الخطاب فإذا أضيف إليها المتعبدين من غير الأنصار، كعلي وابن عباس وابن مسعود وعمار بن ياسر، تشكلت جبهة فقهية عريضة من " الأنصار والمتعبدين " تضاد " القرشيين والمجتهدين ".
ولعل خير شاهد في هذا المجال، هو أن نرى عمرا يشيع الوفد الأنصاري إلى أطراف المدينة من أجل أن يأمرهم بإقلال الحديث، الحديث الذي لا يتوائم مع سير الفقه القرشي الاجتهادي.
ومثل ذلك ما نرى من أسماء المحبوسين بالمدينة. الممنوعين من التحديث ففيهم من الأنصار: أبو مسعود وأبو الدرداء وحذيفة بن اليمان (6)، ومن المتعبدين أبو ذر