رسول الله وحب النبي له، وما كان منه في نصرة الإسلام وسوابقه فيه، ثم أحب الأنصار وعليا لهذا. كان ذلك من دلائل صحة إيمانه، وصدقه في إسلامه، لسروره بظهور الاسلام، والقيام بما يرضى الله سبحانه وتعالى ورسوله، ومن أبغضهم كان بضد ذلك، واستدل به على نفاقه وفساد سريرته والله أعلم (1) وقد اشترك الأنصار مع آل البيت في كونهم من المنبوذين عند قريش، لما قتلوا من صناديدهم ورؤسائهم، فاشتركوا هم وعلي في كفة مقابلة لكفة القرشيين المغلوبين، ولذلك سعى القرشيون لإعادة مجدهم بعد فتح مكة، وحاولوا الوقوف أمام المد الأنصاري المعاضد لعلي في مواقفه وما أن توفى النبي (صلى الله عليه وآله) حتى بدت تلك النبرة عالية في أن قريشا هي الأحق بالخلافة من الأنصار، بعد أن أبعدوا عليا عن الخلافة بمختلف الوجوه والمعاذير.
فقد صرح عمر بن الخطاب قائلا: إن عليا والزبير ومن معهما تخلفوا عنا في بيت فاطمة، وتخلفت عنا الأنصار بأسرها (2) واجتمع المهاجرون إلى أبي بكر (3)، ونادت الأنصار في ذلك اليوم: لا نبايع إلا عليا (4).
وإن سعدا بن عبادة ما طالب بالخلافة إلا بعد أن رآهم قد صرفوها عن علي (5)، وحين وقف علي إلى جانب الأنصار قالوا: لا نبالي بمن عادانا ما دام علي معنا.
هذا وحسبك أن سعدا لم يبايع قط وصار إلى الشام وقتل هناك (6).
ولما تسلم أبو بكر الخلافة، لم يف للأنصار بمقولته: (نحن الأمراء وأنتم