ابن عباس دون أي مبرر بقوله " أتحبون أن أريكم كيف كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يتوضأ "؟، وفي الروايات التي تدعي الوضوء الثلاثي الغسلي لعلي، تجد عشر روايات منها تدعي الابتداء التبرعي بمثل قوله " أحببت أن أريكم كيف كان طهور رسول الله (صلى الله عليه وآله) " و " من سره أن يعلم وضوء رسول الله (صلى الله عليه وآله) فهو هذا " و " هكذا توضأ رسول الله (صلى الله عليه وآله) " و " هكذا كان وضوء رسول الله (صلى الله عليه وآله) " و " من سره أن ينظر إلى طهور رسول الله (صلى الله عليه وآله) فهذا طهوره " وما قاربها من العبارات، التي تستبطن أن المدعي يريد إثبات شئ في عقله وإشاعته بين المسلمين، وإلا فإن الوضوء من الأمور البديهية التي لا معنى للإصرار والتأكيد على الابتداء بها، وقد سبق أن ذكرنا في المدخل أن عثمان قد استعمل نفس هذه الأساليب، فقال في أحد نصوصه: كنت على وضوء ولكن أحببت أن أريكم كيف توضأ النبي (صلى الله عليه وآله) (1) وفي آخر: هكذا وضوء رسول الله (صلى الله عليه وآله) أحببت أن أريكموه (2).
وهذا بخلاف روايات المسح التي تنقل وجود ناس يكرهون أن يشربوا فضل الوضوء قياما، وأن عليا حدث بذلك، فأراد إيضاح بطلان ذلك التوهم للمسلمين، فيكون من المنطقي جدا أن يأتي بالوضوء فيشرب بعده من فضل وضوئه ويقول بلسان قاطع: أين الذين يزعمون أنه لا ينبغي لأحد أن يشرب قائما؟! مضافا إلى أنها تنقل لنا حضور الصلاة (صلاة العصر) التي أراد أن يصليها علي في الرحبة، وهي تستدعي الوضوء - وجوبا أو استحبابا - فيكون من الملائم جدا أن يأتي علي بالوضوء أمام الملأ من المسلمين.
بل الذي في رواية أبي مطر الوراق التصريح بأن رجلا طلب من علي أن يريه وضوء رسول الله (صلى الله عليه وآله) عند الزوال، أي في وقت يناسب التعلم، وعند ذاك يستجيب الإمام علي فيدعو قنبرا مولاه ليأتيه بماء للوضوء، فيتوضأ أمام المسلمين ثم يقول:
أين السائل عن وضوء رسول الله (صلى الله عليه وآله)، كذا كان وضوء رسول الله (صلى الله عليه وآله).
فإذا أردنا تطبيق المدعى من الوضوءين مع منطق وقوع الحدث وملابساته وجدنا روايات المسح أولى وأوفق من روايات الغسل التي تبتدئ بطرح أفكار أقل