رسول الله صلى الله عليه وآله، ولو قرأت الحوار الذي دار بين المهدي العباسي وشريك القاضي (1) لصدقتنا فيما نقوله.
ومن ناحية أخرى نرى أن ابن عباس لم يشارك مع أبي بكر في حروبه، وكانت له اعتراضات على مواقف أبي بكر الفقهية، ومثل هذا كان حاله مع عمر بن الخطاب، إذا اعترض على بعض اجتهاداته ولم يرتض أخذ القوم بتلك الاجتهادات لمخالفتها لسنة رسول الله صلى الله عليه وآله، وقوله لهم في المتعة: (أراهم سيهلكون أقول قال رسول الله صلى الله عليه وآله، ويقولون قال أبو بكر وعمر).
وجاء عن عمر قوله لابن عباس يوما: أما أنت يا ابن عباس فقد بلغني عنك كلام أكره أن أخبرك به فتزول منزلتك عندي، قال: وما هو؟
قال: بلغني أنك لا تزال تقول: أخذ هذا الأمر منا حسدا وظلما فأخذ ابن عباس يدافع عن أحقية أهل البيت بالخلافة، ولم يتنازل لعمر، فقال عمر له - عندما ذهب -: إني على ما كان منك لراع حقك (2).
وجاء عن ابن عباس إرادته القول لعمر لما علل سبب إبعاد عليا عن الخلافة بصغر السن: أفتستصغره أنت وصاحبك وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يبعثه في الكتيبة فينطح كبشها... (3).
كل هذه تشير إلى تخالف ابن عباس مع رموز الخلافة فقها وسياسة.
نعم، إن عمر بن الخطاب قد أعرض عن تولية بني هاشم أيام خلافته موضحا سبب ذلك لابن عباس - لما أراد توليته على حمص بعد موت واليها - فقال له:
يا ابن عباس! إني خشيت أن يأتي علي الذي هو آت [أي الموت] وأنت على عملك، فتقول: هلم إلينا، ولا هلم إليكم دون غيركم (4).