مفتاح الغيب - أبي المعالي القونوي - الصفحة ١٣٤
ولا من حيث مقام جمعه الاحدى المكرر ذكره، بل من حيث نسبة اسم خاص ظهر حكمه بك وفيك وبحسبك، وأنت معينه من بحر غيب الهوية الذي لا يتعين لنفسه ولا يتعين فيه شئ - كما مر - فكنت اذن في الحقيقة تحت حكم نفسك ومغلوبها، لكن من حيث أشرف نسبيتها، وليس هذا حال فحول الرجال ولا مطمح هممهم.
ومتى لم يستمر عليك حكم شئ ما كان ما كان زمانين بصورة واحدة، بل في كل وقت ونفس بصورة غير الأولى والآتية، وأنت تشعر في باطنك بالفرقان - وان عسر التمييز في الخارج بحجاب المثلية من حيث إن الثاني كالأول - وتحققت أحدية الامر الذي يرجع هذه الكثرة المقسمة بالأنفاس والانات والأحوال والمواطن وغيرها إليها، ورزقت الحضور على نحو ما مر مع الحق في نفسك وفي كل شئ، فحينئذ كنت مع الحق وكانت له السلطنة بمفرده عليك وآيتك انك المتنوع بحسبه، أو تشاهد تنوع ظهوراته بك بحسبك، أو تكمل فتشرف على الامرين معا في آن واحد، لكن بالتوجيهين المنبه عليهما من قبل في الحق والعالم، وان كلا منهما من وجه مجلي للاخر، ولن تعود - كما قلت - حتى تخلص عن ربقة الميول الروحانية والطبيعية، ولا يجتذبك الأشياء من الوسط إلى الأطراف، ولا احادها - كالعوائد والعقائد والعلوم النافعة والأحوال والمراتب السنية وغيرها - ولا جملتها، وسواء في ذلك، الامر الخسيس والنفيس، ولن يتحقق بما ذكر إلى أن لا تحدث نفسك بالتعشق بأمر ما فتتقيد به، ولو كان ما شهدته أو علمته من الحق سبحانه، فما بين يديك مما لم يتعين لك أعظم وأكمل وأعز شرفا وأجل.
وليكن تقيدك بالأشياء والمراتب الإلهية والكونية المعقولة والمشروعة وغيرهما، هو من كونه ذلك الامر الملتفت إليه اسما إلهيا وتعينا خاصا من مطلق الذات ظهر في موطن ظهورا حكميا لنسبة ما من النسب الكمالية، يجب تصحيح حكمها بمقابلتك لها بما يناسبها
(١٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 ... » »»
الفهرست