مفتاح الغيب - أبي المعالي القونوي - الصفحة ١١٩
كل ما يتقلبون فيه، واما المراد منه في كل وقت: فما يظهر به وعليه من الأحوال والافعال ويصدر منه على نحو ما يقع، وذلك حكم الكمال الذي يخصه وتحصص له من مطلق مرتبة الكمال وحاله بحسب نسبته من الاسم الإلهي الذي صار هذا الانسان مظهره ومظهره بتعيينه إياه، إذ بالأعيان وخصوصية استعداداتها تتعين الأسماء، والا فالحق من حيث انقطاع نسبته من السوى علما ووجودا ومرتبة لا اسم له ولا وصف - كما سبق التنبيه عليه فاذكر -.
قولي: هل أستعين به في بعض ما ذكر أو كله من حيث عينه ومرتبته أو استعان هو من حيثهما، وهل الاستقلال حاصل لاحد الطرفين أو هو ممتنع مطلقا أو في بعض الأمور دون بعض؟
اما في الوجود من حيث عينه، فالاستقلال فيه للحق، لا وجود في الحقيقة لسواه ولا موجد غيره، وليس للغير الا قبول الوجود على وجه مخصوص بحسب استعداده، وكونه شرطا في ظهور الوجود به على ذلك الوجه، فافهم. لكن هنا سر لا يحل كشفه، قد أومأت إليه من قبل، وأزيده بيانا إن شاء الله. واما الأثر، فللمراتب والحقائق الغيبية ولا ينضاف إلى الحق من حيث وجوده لما ذكرناه في أول الكتاب، بل ينضاف إليه من حيث أحدية جمع هويته الغائبة عن المدارك باعتبار تعذر معرفة كنهه والإحاطة به، ومن حيث مراتب أسمائه أيضا وصفاته باعتبار عدم مغايرتها له، واما ارتباط الأثر بالوجود والوجود بالأثر من حيث كل موجود، فمشترك، ومن فهم ما ذكرته عرف أين ظهر حكم الاستقلال، وأين خفى، ومن أي وجه يتعذر ومن ايه لا.
قولي: أي شئ هو فيه معنى وفيما خرج عنه صورة وبالعكس؟
الملائكة قوى العالم ولا تخلو عندنا عن صورة ما، وان يكن لها صورة معينة، وهى في الانسان قوى نشأته، ولا صورة لكل القوى، لكنها تفعل بآثارها، كالقوة المغذية
(١١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 ... » »»
الفهرست