مفتاح الغيب - أبي المعالي القونوي - الصفحة ١١٨
قولي: ذهابه هل إلى ما صدر وتعين منه أو إلى مثله - ان صحت المثلية -؟
إلى ما صدر وتعين منه من حيث المرتبة، وإلى مثله من حيث المرتبة والوجود معا، باعتبار حكم المجموع، فان الامر دائرة والحال دوري الحكم، ومنتهى كل دائرة - سواء فرضت معنوية أو محسوسة - إلى النقطة التي كانت منها البداية بالحركة الحبية الباعثة على الطلب - سواء تعقلت الحركة معنوية عقلية أو روحانية مجردة أو روحانية مثالية - لكن في مظهر مثالي أو صورية جامعة لخواص هذه الحركات الثلاث المذكورة من قبل وظاهرة، فافهم، ولكن يختلف الحال والحكم والاسم في كل وقت وبحسب كل كيفية، ففي الأول مثلا ليس الا نقط متجاورة وفي الثاني ظهر بينها حكم الاتصال بالوجود الساري، فسمى محيطا ودائرة، ولزمته القسمة والجهات المفروضة فيه وغير ذلك مما لم يكن ظاهرا من قبل، وانما ظهر ما ظهر بالجمع أو بالتركيب الذي هو صورة حكم الجمع وسريان الوجود المنبسط على حقائق الموجودات بالوجه المنبه عليه من قبل في أول الكتاب.
قولي: ما الذي يراد منه مطلقا من حيث الإرادة الإلهية الأولى الأصلية وباعتبار المرتبة الانسانية، وما المراد منه من حيث خصوصيته في كل وقت؟
اما المراد منه مطلقا من حيث المرتبة الانسانية، فالكمال المشار إليه في غير ما موضع من هذا الكتاب بالشروط التي يلزم الكمال والحقوق العامة والخاصة الثابتة له والواجبة عليه في كل مقام ونشأة وموطن، وفاء واستيفاء روحا وجسما موقتا وغير موقت.
واما المراد منه باطنا باعتبار حكم استعداده، فهو ما ينتهى إليه امره بعد استقرار أهل الدارين فيهما وتلبسهما - أعني الاهلين - بالحال (1) الذي يدوم عليهم تفصيل حكمه في

(1) - الغرض من ذكر هذا القيد في قولي: بالحال الذي يدوم عليه تفصيل حكمه، هو التنبيه على أن الأحوال لا دوام لها، وانما الكليات تتضح أحوالا جزئية لا تحصر هي عبارة عن احكام ذلك الحال الكلى المنبه عليه، فافهم. (منه)
(١١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 ... » »»
الفهرست